أخباركم.. 2018/12/31
ان الاعتماد لممارسة مهنة المحاسبة لم يكن قبل دخول القانون رقم 127.12 حيز التطبيق سوى مجرد لقب طبقا للمرسوم رقم 2.92.837 الصادر بفبراير 1993 حيث لم يكن الاعتماد شرطا للممارسة وكان فقط لقب بدون امتياز أو فرق عن المحاسب المهني العادي وبالتالي كان المحاسبون مسجلين بجدول الضريبة المهنية يزاولون مهنة المحاسبة وفق شروط القانون المغربي ، وكان الاعتماد بدون الأثر القانوني،
وبالتالي قبل القانون الجديد كان المحاسب الغير معتمد و المحاسب المعتمد في نفس المرتبة و يمارسون بنفس الشروط القانونية حينها.
إلى أن جاء القانون الجديد يطلب من غير المعتمد الخضوع لشروط المادة 103 من أجل الحصول على صفة الاعتماد، اي من أجل البقاء في مركزه أو مرتبته. فكيف يطلب من مهني اجتياز امتحان من أجل البقاء في مركزه ومرتبته وكي يستمر في ممارسة نفس المهام التي كان يمارسها من قبل دون أي تغيير، فقط تغيير في اللقب.
وفي نظر المشرع وضعت هذه الشروط من اجل الارتقاء إلى مكانة الاعتماد وتحصين المهنة والاقتصاد الوطني.
فإن كانت مرتبة الاعتماد في مستوى أعلى من مرتبة غير الاعتماد قبل القانون، كما يراها المشرع، فكل من لا يخضع للشروط الارتقاء بلغة التشريع الدولي يجب عليه البقاء في مركزه السابق وبالتالي مزاولة المهنة بالصفة القانونية القديمة دون الحصول على هذا اللقب الوهمي وليس التشطيب عليه كليا واستصدار حقه في الوجود والاستمرارية.
فان قبلنا بشروط الاقدمية والشواهد لهذا الارتقاء الموضوعة في القانون الجديد، والتي تبقى شروط غير منطقية وشكلية غير مبنية على دراسة ميدانية ومعمقة لكفاءة للممارسيين ولأحقية هذا الاعتماد المزعوم،
وان كان من الضروري الخضوع لهذه الشروط فكيف يسمح للمحاسبين الغير متوفرين عليها من الممارسة لمدة انتقالية 10 سنوات، اي بلغة هذا القانون الجديد فهم غير مؤهلون لمزاولة نفس المهام، وجب التشطيب عليهم عند صدوره. وان قبلنا بالمرونة المتبعة في الملف اي إعطائهم فرصة الامتحان من أجل الاعتماد خلال هذه الفترة الإنتقالية، فوجب معرفة انه خلال هذه الفترة 10 سنوات أغلبهم وان لم نقل كلهم سيحصلون على شروط الفصل 102 اي الاقدمية المطلوبة، إذن وبنفس التحليل يجب دمجهم في الاعتماد فقط بإستجابتهم لشروط الفصل 102 وليس بالضروري وجوب اجتياز امتحان.
وحسب القانون نفسه فإن كان من الضروري، في نهاية الفترة الانتقالية، التشطيب على كل من لم ينجح في الامتحان فمن غير المقبول اعطاءه حق الممارسة مؤقتا لكل هذه 10 السنوات، حيث خلالها سيقدم المشورة الخاطئة ويؤثر بسلبية على الاقتصاد الوطني وعلى صورة ومكانة المحاسب، إذن كان يجب عدم إعطاء هذه الفترة الانتقالية، وإشتراط الإمتحان في سنة 2015 لصدور هذا القانون وذلك من أجل تحصين المهنة وصورة المحاسب والاقتصاد الوطني المرجوة، كما يروج لها بعض المنتفعين من ريع هذا القانون وآنذك يتم التشطيب الفوري على كل غير كفئ، ويكون تحصين فوري للاقتصاد وللمهنة. وبالتالي إذا افترضنا بأن 2400 محاسب الغير معتمد رفضوا اجتياز هذا الامتحان فوفق هذا القانون وجب التشطيب عليهم من المهنة و من السجل التجاري بعد 10 سنوات، وهذا يعتبر تفليس إجباري من طرف الدولة، فمن سيتحمل المسؤولية اتجاه الاغيار: الزبناء، البنوك والديون، الاجراء وتشريدهم، والتعويض عن الضرر وعن الأصل التجاري للمحاسب.
ومن جهة أخرى إذا اعتبرنا أن القانون جيد فإن تنزيله لم يكن بالشكل المطلوب، حيث تم اختزال الشخص المعنوي (شركة المحاسبة) في المسير وتم انتفاعه عوض الشركاء (في حين في القانون التونسي لسنة 2002 في الفصل28 منه تم اعتماد كل الشركاء وليس المسير فقط) وما مصير شركات لها اكثر من 10 سنوات قبل القانون وتم تغيير مسيرها أو وفاته أو بيع حصصها وكيف سيتم معالجة اعتمادها، أليس الضرر الملحق بهولاء هو من دفع بهم إلى التسجيل من جديد في الضريبة المهنية إلى حين صدور المنع من طرف إدارة الضرائب، في نونبر 2017، وما مصير كل هؤلاء بعد الفترة الانتقالية.
هذا من جهة ومن جهة اخرى هل بالشروط السابقة للفصل 102 (الشواهد والاقدمية) تم الحصول على الكفاءة المتوخاة من هذا القانون وهل تم تحصين المهنة والاقتصاد الوطني وتم اختيار فقط الكفاءات المرجوة والمبحوث عنها من طرف المشرع. أم يكن هناك تغليط، ألا يستدعي من المشرع أو الوزارة الوصية ، أن كنا نبحث على مصلحة الوطن، وضع خلية تتبع وفحص كفاءات الفئة المعتمدة والغير المعتمدة وإصدار تقرير تقييمي لهذا المشروع المنظم للمهنة…
ألا يستدعي فرض امتحان للجميع يوم صدور القانون ويتنافس المتنافسون، وما مصير الفئة الفاشلة وأجرائهم بعد عدد كبير من الممارسة والاستثمار، ألا ينبغي وضع تكوين لهم عوض التشطيب عليهم وتفليسهم، ألا ينبغي تحصين حقهم المكتسب بطريقة شرعية وفق القانون المغربي حينها،
ألم يكونوا معتمدين بالقانون القديم وما الفرق وماهي القيمة المضافة لهذا القانون في هذا الباب، ولماذا كل المهن الأخرى التي ارتئ تنظيمها المشرع المغربي اعتمدت على تحصين الحق المكتسب وادماج كل المهنيين بدون شرط (المحامون، الموثقون،…). وهل تعتبر تونس أقل منا تشريعا وتحصينا لاقتصادها حيث اعتمدت مبدأ إدماج جميع المحاسبين المزاولين لقبل 5سنوات و لما أقل ادماجه بتكوين ولم يتم استصدار حقهم من جهة وتم السماح لدخول الجدد للمهنة فقط بتدريب وليس بإمتحان كما هو الحال في فصل 21 من القانون 127-12.
وفي الختام هل كل هذا المشروع فقط من أجل تفليس أكثر من ثلثي المهنيين ومن أجل لقب وهمي… من هنا نستنتج بأن القانون الجديد يرفض وينفي كليا القوانين السابقة، ويشير إلى أن ممارسة المهنة في السابق لم تكن قانونية.
علال حمداوي :مستشار قانوني و محاسب مهني