إستفلحت ظاهرة تأسيس جمعيات المجتمع المدني ، وتنوعت مكاتبها المسيرة بين الصالح والفاسد ، و المثقف والجاهل …وأصبحت صفة فاعل جمعوي مهنة من لا مهنة له، صفة يحملها من هب ودب لا شغل له.
كائنات بشرية مجردة من الوطنية جعلت من العمل الجمعوي ألية وأداة من أجل الحصول على المنح المالية وضخ أموال غير مشروعة من ميزانية المواطن، حيث يتم توزيعها بين أعضاء المكتب المسير ويتم تبرير ذلك بفواتير وهمية لا أساس لها من الصحة، جمعيات لا تتوفر على الموارد البشرية المؤهلة اللازمة للترجمة أهدافها على أرض الواقع، وليست لها نية العمل في إطار المصلحة العامة، ولا تحمل برامج ومخططات هادفة قابلة للتنفيد سواء أحادي أو بشراكة مع جهات وطنية أو دولية عامة أو خاصة…
تلهت فقط وراء المال العام وأموال الخواص ، بإعتماد أساليب النصب والإحتيال والإرتشاء وممارسة التسول بإسم العمل الجمعوي وفاعل جمعوي.
جمعيات بأعضاء سماسرة أميين منحرفين ومحترفي النصب واللصوصية، تديرها مكاتب متعفنة العقل والروح، كائنات مستعدة للركوع والسجود والخنوع …من أجل أن تحظى بكعكة مالية من مسؤول أو خدمة أو لفت إنتباه، ويحشرون أنوفهم في كل كبيرة وصغيرة تخص تدبير الشأن المحلي السياسي والرياضي والتعليمي…يدعون معرفة كل القوانين والتدبير والقدرة على المشاركة، يعتلون المنصات والخشبات كلما حضرو أنشطة أو مناسبة رسمية أو غير رسمية حيث الفرص السانحة لكسب ود المواطنين المقهورين.
جمعيات مستعدة، لمصاحبة الفساد والحقارة، والعيش في التفاهة والدل والهوان، يقضون أوقاتهم في طرق أبواب الإدارات العمومية و الخاصة، وطرق أبواب المواطنين… من أجل طلب الدعم المالي لإنجاز مشاريع وأنشطة وهمية، يجتهدون من أجل لفت الإنتباه إليهم، ومن أجل إستعراض عضلاتهم أمام ممثلي السلطات المحلية والمنتخبين وفرض الإمتثال لرغباتهم ونزواتهم، وعرض خدمات التجميل والتلميع على راغبين في ذلك.
بعضهم بمستويات معرفية وثقافية محدودة، والبعض الأخر دون أدنى مستوى تعليمي أو ثقافي أو فكري، جمعيات أحدثت كاذرع لدعم أحزاب سياسية في الزمن الإنتخابي والتسويق الخزبي والسياسي… يدسون رؤوسهم في الرمل والوحل كلما تعلق الأمر بمواجهة سياسية أو إنتخابية…
جمعيات لا تتقن إلا الإسترزاق، من وراءها رؤساء مجالس منتخبة ومستشارين جماعيين وبرلمانيين بالغرفتين ،والهدف واحد نهب المال العام وتقاسم الغنائم مع روادها.
بات من الضروري من طرف مجالس الحسابات و الجهات الداعمة للجمعيات التدقيق في حسابها المالي وهويتها الحقيقية، كما بات من الواجب فرض شروط الكفاءة والقدرة والمستوى العلمي لتسيير الجمعيات، لكي لايبادر كل من هب ودب إلى تأسيس جمعية ذات أهداف لا يفقهها، حتى يكون للجمعيات دور بارز والتأثيث لمسار جمعوي وتنموي حديث، يواكب ويدعم النمودج التنموي الجديد، ويواكب رواد السلطة التشريعية والتنفيدية.
مجتمع مدني متمكن من أليات الرقابة والتحسيس والمساندة، و التفاعل مع المتغيرات الوطنية.
كريم أمزال