الرئيسية » أعمدة » جرائم باسم حقوق الانسان

جرائم باسم حقوق الانسان

وآنا أتفحص جرائد اليوم 18 أكتوبر 2017 استوقفني خبر نشر على صفحات أكثر من جريدة موضوعه أن بعض رجال الأمن تدخلوا بإحدى النقط السوداء بمدينة الرباط لإلقاء القبض على شخص مبحوث عنه بمقتضى مساطر مرجعية ،وأنه بعد جهد كبير تم تصفيده لتفاجآ الدورية بتدخل مناصرين للجانح حيث تم الاعتداء على الشرطة بالضرب بواسطة أسلحة بيضاء إذ تعرضوا لجروح خطيرة يوجدون على أثرها بإحدى المستشفيات.
الجاني تخلص من قبضة الشرطة وفر بيدين مصفدتين إلى مكان مجهول في حين ان رجال الأمن يتألمون من آثار العنف المتعمد الذي ووجهوا به من قبل نفرمن المناصرين يفوق المائة شخص.
ليست المرة الأولى التي تتالت فيها اعتداءات الأيادي المناصرة للإجرام على رجال الأمن بل سبقتها وقائع مماثلة بنقط سوداء بمدينة الدار البيضاء ومدن أخرى.
هنا يطرح التساؤل عن فعالية الأمن ببلادنا وثقة المواطن في سلطة الدولة لحمايته وحماية ماله.
كيف السبيل إلى تفادي مثل ما وقع في ظل نشر ثقافة حقوق الإنسان ببلد لا تزال الأمية تمخر جسده؟.
من المعلوم انه اذا اجتمع الفقر والأمية وافتقاد الهوية الوطنية بذا جليا تبجح المواطن الجانح وتطاوله على سيادة القانون واستهتاره بحقوق الغير.
إن مفهوم حقوق الإنسان المتعارف عليه كونيا يختلف في شكله ومضمونه لذا كل الجانحين الموسومين بهاجس التطاول على حقوق الغير المدنية والمالية وأمن وسلامة هؤلاء.
فهل ياترى يوجد نضج لذا الأغلبية من المغاربة ليفهموا معنى الحرية المدنية وحقوق الإنسان؟.
من المعلوم أن حرية الشخص تنتهي حيث تبدأ حقوق الشخص الآخر،وبالتالي فهل نحن مهيؤون لتفعيل قوانين حقوق الإنسان وفق ما هو متعارف عليه دوليا والكل في ظل ما يعرفه بلدنا من تفاقم ظاهرة  الأمية والجهل والفقر وانعدام الأخلاق ؟ .
بالرجوع إلى دولة فرنسا وباستقراء تاريخها يتبين ان هته الدولة  عاشت مراحل وثورات وبرزت توجهات فكرية وثقافية إلى أن وصلت إلى تفعيل مبادئ حقوق الإنسان، إذ هيأت الأرضية الخصبة لتطبيقها وتعايش  المواطن الفرنسي معها الى ان غدت ثقافة متداولة بين الجد والأب والابن والحفيد.
لكننا بالمغرب أخدنا لباسا على غير مقاسنا وحاولنا أن نلبسه لمواطنينا بعدما تم شحنهم بمبادئ لا يفقهونها ، وهو ما جعل الأمر يختلط عليهم بين ما هو حقوقي وما هو فوضوي إذ أصبح تطبيق القصاص بأيديهم عن طريق شهر السيوف والمدي والماء الحارق وإزهاق الأرواح والسرقات والاغتصاب واللائحة طويلة ……
وبكامل الأسف كلما استفسر ت جانحا  عن اعتقاله والزج به بالسجن وكذا تذكيره بتعاسة السجناء بفعل الاكتضاض داخل السجن يجيبك أن حياتهم أحسن بداخل السجن لشدة العطف وسخاء الآباء والعائلة .
فهل يا ترى يبقى دور السجن عندنا هو إنزال العقوبة وحماية السجين وتمتيعه بحقوقه استجابة لضغوط المنظمات والهيئات الدولية؟
أم أن للسجن دور تربوي من خلال إعادة ة إدماج السجناء وتأهيلهم للانخراط في الحياة العامة؟
وهل المؤسسة السجينة نفسها مؤهلة ومهيئة للقيام بهذا الدور من خلال توفرها على طاقات بشرية مؤهلة وموارد مالية كافية وفضاء مناسب للاستقرار و الأمن والتلقين الجيد.
إن الجواب سهل من خلال الوقوف على السوابق القضائية لمعظم السجناء والتي تتزايد باطراد وفي مراحل متقاربة لتصل أحيانا إلى ما يفوق العشر سوابق قد تكلف صاحبها في حالة عدها ما يقارب الثلاثين سنة ، بعدها يجد نفسه وقد تقدم به السن في عالم غريب بإجمالي أخرى وتطورات جديدة وبدون مؤهلات علمية أو حرفية أو مصادر مالية أو أحضان عائلية تلم شمله .
مرة أخرى  وبالرجوع إلى الخبر الذي نشر بالجرائد حول واقعة الاعتداء على الشرطة يتبين انه أضاف عنوانا مفاده انه تم القبض على والدة الجانح وآخته وعشيقته .
الملاحظة الأساسية ان عائلة الجانح حسب الجريدة      ناصر ته بمعية الجوار ومكنوه من الإفلاث من سلطة رجال الأمن عن طريق الإكراه والاعتداء البدني رغم علمهم بأن الفعل الذي ارتكبوه معاقب عليه ويشكل جريمة .
هي أشارت أردت من خلالها الوقوف على محيط الجانح بداية من البيت الذي يفترض فيه تلقين قواعد التربية الحسنة إذ ليصبح سندا لتعميق قواعد الإجرام ،يضاف إلى ذلك الجوار الذين كانوا في عقد سابق يعتبرون بديلا للعائلة في تلقين قواعد الأخلاق والاحترام ليصبحوا سندا لنصرة الإجرام،  وتبقى العشيقة وليس الزوجة عنوانا غريبا في هته المعادلة.
إذا فالجرائم يبقى مصدرها الأساسي هو الجهل والأمية والبطالة والوسط العائلي والاجتماعي وغياب سياسة تربوية وتعليمية هادفة وأفول دور المؤسسات السجنية في إعادة الإدماج والتأهيل بل تحولها إلى مدرسة بديلة لتلقي أساليب جديدة في فن الطعن والنهب والسرقة إذ يتحول الجانح من مفرد إلى عنصر في عصابة منظمة .
هذا جزء من الكل لأن الموضوع أكبر مما يتصور

  نورالدين حداد   

عن أخباركم

شاهد أيضاً

فاعل جمعوي مهنة من لا مهنة له

إستفلحت ظاهرة تأسيس جمعيات المجتمع المدني ، وتنوعت مكاتبها المسيرة بين الصالح والفاسد ، و …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *