يستعين عدد كبير من المغاربة في مجموعة من القضايا والمواضيع التي يكون مقصدها أن حل أي مشكل يجب أن يتم من الأصل أي من الأساس، وليس بـ”الترقاع”. وهذا ينعكس على حال كرتنا المغربية بل يتعداها ليشمل المنظومة الكروية بأكملها.
لما جاءت جامعة الفهري وتولت شؤون كرة القدم المغربية في 16 ابريل 2009 ، راهنت على المدرب الأجنبي وأكثر من ذلك دخلت في عملية منهجية لتشويه صورة المدربين المغاربة ، خصوصا أنهم أصحاب القرار وهم الذين تعاقدوا مع غريتس الذي فشل في مهمته ولم يقدم ما كان منتظرا منه رغم القيل والقال الذي رافق تنصيبه، ورغم المبالغ المالية الكبيرة التي صرفت من اجله، ثم تقف أخطاء جامعة الفهري عن هذا الحد.
فبمجرد إعلان انفصالها عن المدرب البلجيكي، جاءت بتخرجة جديدة وهي إسناد اختيار المدرب الوطني إلى لجنة تقنية يرأسها عبد الإله أكرم رئيس فريق الوداد البيضاوي، وهي حالة أخرى وباطلاع على أعضائها وباستثناء الدولي السابق نورالدين النيبت لا يبدو أن لأي عضو دراية في الأمور التقنية، ودائما في إطار امتصاص غضب الشارع المغربي وإتباع سياسية الالتصاق بالكراسي أعلنت الجامعة ، أنها ستسند مهمة الإشراف تدريب المنتخب الوطني إلى مدرب مغربي.
إذا كانت الديمقراطية ببساطة هي احترام القانون والاحتكام إلى بنوده وانتخاب من يدبر شؤون الكرة بالانتخابات الشفافة واحترام المساطر القانونية، فإن هذا المفهوم غائب كل الغياب من مفكرة جامعة الكرة المغربية، والحل الأنسب لتجاوز الوضعية المزرية التي وصلت إليها كرتنا في رأيي هو إعادة النظر في المنظومة الكروية على المدى البعيد يسهر عليها أصحاب الاختصاص وتكوين منتخب قوي للاستعداد من الآن لنهائيات كاس إفريقيا 2015 التي ستنظمها بلادنا، ولنعرف أكثر أهمية تسير الكرة علينا أن نشاهد ما وصلت إليه المنتخبات الأوروبية والتي تحقق بفضل إسناد الأمور إلى أهلها.
فسخ التعاقد مع البلجيكي إيريك غيريتس وطاقمه التقني لا يعني بأن المشكل الحقيقي تم حله، بل إن أصل الداء مازال ينخر الجسد الكروي ببلادنا مادامت مؤسسة جامعة كرة القدم، التي تؤطر هذه اللعبة، مريضة بداء فقدان الديمقراطية وغياب الحكامة الرياضية.
أما مرض غياب الحكامة فتجلى من خلال القرارات الأحادية الجانب التي كانت تتخذ، دون إخبار أو إعلام باقي الأعضاء. مما دفع بعبد الإله أكرم، نائب رئيس الجامعة، ورئيس الوداد باعتبار باقي أعضاء المكتب الجامعي بمثابة كومبارسات تؤثث فضاء المكتب الجامعي وليس لها أي دور. علما أن الحكامة بكل بساطة كذلك هي التحلي بالشفافية والتواصل والديمقراطية والنظرة الاستشرافية وإشراك الفاعلين في اللعبة للخروج بقرارات تخدم هذا اللون الرياضي.
غير أن ما بلغته كرة القدم الوطنية وخاصة منذ السنوات الأربع الأخيرة من الألفية الماضية إلى يومنا هذا دليل على أن ما وصلته هذه الرياضة الأكثر شعبية مرده غياب للديمقراطية والحكامة. فتعيين مدرب جديد لخلافة غيريتس لن يساعد على شفاء جسدنا الكروي من الأمراض التي تنخره مند مدة. قد يكون الحظ مرة أخرى إلى جانب القائد الجديد للأسود ويحقق التأهل إلى أمم جنوب إفريقيا، وقد يحالفه الحظ كذلك ويذهب بعيدا في النهائيات وقد يصل إلى المباراة النهائية ولم لا الظفر باللقب الإفريقي. كل شيء ممكن ولكن الذي ليس ممكنا هو أنه ليس في كل مرة تسلم الجرة.
ما قلناه سابقا يؤشر على أن المرحلة المقبلة تقتضي إصلاح شامل للمنظومة الكروية المغربية بدءا باعتماد الديمقراطية في انتخاب هياكلها وثانيا التشبث بمبادئ الحكامة لإنجاح مشاريع الإصلاح.
لقد تم الإعلان عن الاسم الجديد لقيادة الأسود رشيد الطاوسي، لكن هذا ليس هو الحل. فالحل الحقيقي يتجلى في إعادة النظر في التركيبة التقنية لباقي المنتخبات الوطنية، يكون الخيط الرابط بينها موحدا لا مشتتا كما هو عليه الحال.
شاهد أيضاً
فاعل جمعوي مهنة من لا مهنة له
إستفلحت ظاهرة تأسيس جمعيات المجتمع المدني ، وتنوعت مكاتبها المسيرة بين الصالح والفاسد ، و …