من بين الموروثات الثقافية الفاعلة في المغرب راهنا هي الموروثات المتمثلة في الحضور القوي والمكثف لثقافة العيب والعار لدى المغاربة،حينما نحاول رصد تمثل الإنسان المغربي لطبيعة العيب والعار على مستوى المفاهيم والمرجعيات أو الممارسات الإجتماعية ، فإننا نجدها في مجملها تصب في منحى واحد، خلق حواجز وعراقل وهمية أمام أي مجتمع يسير نحو الحداثة والتقدم والتغيير.
ثقافة العيب والعار في مجتمعنا اليوم أصبحت هي السلطة اللاوعية واللامرئية التي تتحكم به، فأغلبنا تربى على عبارات ومفاهيم “عيب وعار عليك دير هادشي ماشي حشومة عليك” أو نسمع الأم أو الأب أو الجد أو الجادة يقولون ” عيب وعار أش غادي يقولو ناس والجيران علينا” أو ” بنات الناس وولاد الناس مكايديروش هاذ الفعايل عيب” هذه المفاهيم والعبارات تتكرر وترن كل يوم على مسامعنا منذ نعومة أظافرنا إلى الأن ، حتى أصبحت تمارس علينا قهر نفسي، وأصبحت أمرا بالغ الأهمية في حياتنا،وإلى حدود الأن لا نستطيع مقاومة هذه الثقافة في كل ربوع المملكة رغم تجدرها وقوتها بالأرياف والصحاري المغربية، رغم أن هذه الثقافة بعيدة كل البعد عن الأحكام الشرعية والدين .
أغلبية الفتيات والنساء بالمدن والبوادي المغربية لايستطيعون الخروج من أجل مزاولة بعض المهن أو الوظائف للكسب الشريف الذي يلبي حاجتهم وحاجة أسرتهم وأهلهم، خشية ثقافة العيب والتقاليد الإجتماعية المترسخة ، والخوف من ألسنة الناس التي لا ترحم الشريف والعفيف، فيسمعون عبارات مكررة مثل “هاذيك كاتخدم مع الرجال وراه مطلقة” وهذا الأمر يحصل في الزواج وغيره من الأمور الحياتية ” بغيتي تزوج هاذيك غير خدامة في لوزين متصلاحش ليك” رغم مرارة العيش وصعوبة الظروف المادية للمواطنين المغاربة فإن ثقافة العيب والعار خصمان لدودان أمام أي خطوة تقدمية.
وأكثر من ذلك أصبحت ثقافة العيب والعار تتجاوز الحدود لي تغزو الجامعات والمدراس حيث أصبح بعض الأساتذة وأشبه المناضلون داخل الحرم الجامعي يعاقبون الشباب بسبب اللباس أو علاقتهم الحميمية ” فإن ثقافة عيب وعار لازالت تمارس قهر نفسي ومادي وعاطفي على طائفة كبيرة من المجتمع.
فالعيب والعار معناهما أن يقوم الإنسان بعمل أو فعل شاد ومذموم بالفطرة، أو عمل غير طبيعي بين المجتمعات والجماعات والأشخاص… كإغتصاب الأطفال القاصرين، أو النساء والفتيات غصبا عنهم سرقة أموال الغير أو القتل العمد …
ثقافة العيب والعار لدينا هي من باب العادات والتقاليد التي ورثناها من أجدادنا وأبائنا وفي مدارسنا ومحيطنا ، العيب والعار لا يلزم أن يكون بنص شرعي، بعكس الحرام فهو يكون بنص شرعي نقتبس أحكامه من القرأن أوالسنة، ومع الأسف الشديد المغاربة اليوم لايستطيعون التمييز بين العيب والعار والحرام ، حيث ثقافة عيب وعار سيطرت على الحرام، وهذا ما نشاهده فس أغلب تصرفاتنا، حتى أختلطت المفاهيم والمعاني وأصبح الحرام والعيب نسخة طبق الأصل ويمثلان نفس المعنى في أذهاننا، وأصبح المغاربة يخافون من العيب والعار أكثر من الحرام فنجد الفتيات والشباب يمارسون الجنس خفيتا ليس لأنه حرام ولكن خوفا من الإفتضاح والعار ” عيب يشوفنا شي واحد من أولاد درب أنا وياك مقصرين…” .
إن إستمرار ثقافة العيب والعار وعدم الإستسلام لأرض الواقع يولد ظواهر خطيرة على المجتمع والأفراد، تجعل الجهل والتخلف يتفشى ويضعف الوازع الأخلاقي الإنساني الكوني، لهذا لابد منا نبذ هذه الثقافة وإزالتها من قاموس حياتنا اليومية وتفكيرنا ومدارسنا وجامعاتنا…فثقافة العيب والعار يجب أ، تتغير فما كان عيب اليوم يجب أن يكون عاديا غدا، هذه الثقافة لابد أن تنتتهي وتتربى أجيالنا على ثقافة الحداثة والحرية الفردية، حتى ننطلق وننلتحق بالدول المتقدمة ونعيشوا حياة أفضل بعيسدة عن العقد النفسية التي فرضها الإنسان المغربي على نفسه بنفسه.
كريم أمزال