عاد من جديد اسم “أيت منا” للظهور من جديد على سطح الأحداث، والأمر هنا لا يتعلق بالرئيس التاريخي لفريق شباب المحمدية الحاج محمد أيت منا رحمه الله، والذي ارتبط بفترة ذهبية للفريق الأول بمدينة الزهور، وكان يعرف عنه أيضا انخراطه التلقائي في العمل الخيري والتضامن الإنساني، إلا أن الأمر يهم ابنه هشام الذي أخذ المشعل منذ ما يناهز ثلاث سنوات ويسعى بقوة لاستعادة الأمجاد.
الأمر عادي جدا، بل مطلوب بصفة ملحة، لكون انخراط رجال الأعمال في المجال الرياضي، مسألة أساسية وحيوية، لِمَ لذلك من انعكاسات إيجابية على القطاع ككل، إلا أن هناك العديد من الملاحظات حول المنهجية والطريقة التي برز بها الرئيس الحالي للشباب.
لم يكتف هذا الرئيس الذي تحول بسرعة إلى ظاهرة حقيقية داخل كرة القدم الوطنية، بهيكلة ناديه ووضع أسس لتقويته ليصبح مؤسسة رياضة قائمة الذات، وضمان عودته بقوة لقسم الأضواء، واستعادة ماض مشرق كان فيه فريق فرس واعسيلة قوة ضاربة، بل تعدى ذلك بطرق جديدة ومنهجية غير معتادة وسلوكات تثير الكثير من الشك وحتى الريبة.
أقدم هشام وفي ظرف قياسي على التعاقد مع مجموعة من اللاعبين مغاربة وأجانب من مختلف الأعمار، لتتم إعارتهم لفرق أخرى بمختلف الأقسام، يشكل بسرعة فائقة احتياط مهم من اللاعبين مكنه من نسج علاقات معينة وخاصة جدا، مع العديد من رؤساء الأندية، لكنْ هناك إشكال حقيقي من ناحية “L’éthique”، فمثلا هناك فريق أو فريقان أو أكثر يعتمدون على لاعبين بنفس الدرجة في ملكية أيت منا، ترى كيف ستكون المواجهة أمام شباب المحمدية؟ وكيف سيكون التأثير على باقي الفرق التي تنافسه هذا الموسم على الصعود؟ كما أن الأمر سيطرح بحدة بالقسم الأول مستقبلا؟…
إشكال حقيقي لا يرتبط فقط بالشق القانوني، ولكن أساسا بالجانب الأخلاقي وضرورة احترام الروح الرياضية والتنافس الشريف، وهذا ما يجب الانتباه إليه، والعمل على معالجته بالطرق التي تحفظ للمنافسة شروطها الرياضية وتفادي التأثيرات الخارجية.
صحيح أن الاستثمار في المجال الرياضي أمر مسلم به ومطلوب ويحميه القانون، إلا أن الشكل الذي جاء به ابن المرحوم محمد أيت منا غير مألوف ويحمل العديد من المخاوف والتساؤلات، ليصل الأمر إلى حدود طرح أسبقية الحفاظ على قواعد اللعب النظيف، والخالي من كل الشوائب والبعيد عن كل مظاهر التأثيرات الخارجة عن الإطار الرياضي.
ما جاء به هشام أيت منا، أسلوب جديد كرئيس ومستثمر بأفكار مختلفة، مستعينا بوفرة رأس المال الذي يسمح له بتطبيق مشاريعه، لكن لماذا اللجوء إلى توزيع نفوذه على باقي الفرق والأقسام؟ ولماذا لم يكتف بتقوية ناديه والمنافسة بطريقة واضحة وصريحة؟ عوض الالتفاف عبر طرق مختلفة، بل ملتوية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
أسئلة ملحة تشغل بال الكثير من المتتبعين حول ظاهرة جديدة اسمها “أيت منا”، تختلف عما سبق، وعلى أساس هذا الاختلاف فإن الأمر يتطلب الوقوف عليها ومناقشتها لمعرفة أبعادها غير الرياضية، وإيجاد قوانين جديدة تحمي المنافسة وتحول دون جعل مصيرها بيد جهة واحدة تتحكم في مجريات البطولة ومصير الأندية عن طريق “ريمونت كونترول”.
**نقلا عن البيان اليوم المغربي