إن أزمة الواحة اليوم بما في ذلك الجنوب الشرقي ؛ ربما تحتمل وضعا مأزميا ووضعا مأزقيا ؛ وأعتقد بأن الواحات بجماليتها وشفافيتها ؛ واقتصادها وتراثها المادي واللامادي من المواضيع المهمة والجديرة بالتأمل والجديرة بالإنشغال ؛ والجديرة بالترافع عنها كل من موقعه ؛ إنها الأصل والهوية والجذور ؛ وعندما نريد أن نفتح هذا القوس الكبير أو النقاش الكبير حول بنية الواحات كموضوع أساسي علينا أن ننتبه بأن الواحة هي أكبر من أن تكون مجرد مجال جغرافي طبيعي ؛ إنها حيز ثقافي بالدرجة الأولى ؛ إنها نسق ثقافي ؛ إنها بناء قيمي شصار أيضا ؛ الواحة هي ذاكرة هي تاريخ في حاجة إلى التثمين ؛ في حاجة إلى الإهتمام ؛ أكيد أنها اليوم تستنزف ماديا ورمزيا ؛ تتعرض للكثير من التحوير والتجريف ؛ تتلوث بالمياه العادمة والبرك الآسنة ؛ وتتعرض للكثير من الأشياء التي ربما سلبية في كثير من الأحيان ؛ فليكن شعارنا لهذه السنة الجديدة : جميعا من أجل الواحة ؛ ولا زلنا ننتظر ممن منحناهم أصواتنا لثامن سبتمبر المنصرم وتوسمنا فيهم الخير أن ينبروا لهذه المهام الوطنية ذات العمق التشريعي ؛ حيث التكوين العميق والنسقي مطلوب للتفاعل مع النقاش السياسي القوي الذي يستحضر مصالح الوطن العليا ؛ ويستجيب لمطالب وحاجيات المواطن الواحي وذلك لن يتأتى إلا باستدعاء واستحضار الكاريزما الجذابة ؛ لجعل قضايا الواحة في صلب النقاش العمومي وسن تشريعات جديدة تتصالح مع هذه المجالات المنسية ؛ إذ كيف لمستشار أو برلماني ليس له رصيد علمي ومعرفي ولا إيكولوجي ولابيئي ؛ ولايتوفر على خبرة في مجال المرافعة والمنافحة والتشريع أن يسن قوانين لصالح الواحة ؟ إنه منزلق خطير .. وما تتبعناه بالأمس من تعليق لدورات مجلس جهة درعة تافيلات التي توسم فيه الجميع الخير والكفاءة والتجربة بارتكاب أخطاء جسيمة ضاربا عرض الحائط المادة 42 بحيث أن القانون الداخلي يعطي الحق للمواطن في متابعة البث المباشر لدورات المجالس المنتخبة ؛ وطالب الجميع أن تعمم وتفرض بقوة القانون ؛ أسئلة نطرحها علنا أن نجد أجوبة وآذان صاغية ؟ خِدمة للمواطن ؛ إلا أن المنتخبين أبوا إلا أن يفرضوا إيقاعهم مرة أخرى لتحويل مجالسهم ودوراتهم وجداول أعمالهم لمجالس مغلقة ؟ ولنعد لإعادة طرح السؤال من جديد : هل علمت المجالس الترابية أن تفويت مجموهة من الأراضي يعتبر خطأً تنمويا فادحا حرم إقليم تنغير من واجهات سياحية كان بالإمكان أن تكون أيضا نافذة تجارية واُستثمارية وخدماتية وترفيهية وبيئية لعاصمة الورود والتين والزيتون ؛ إن من بيدهم زمام الأمور بالمنطقة لايخططون لإعداد التراب وفق تعمير مندمج يُراعي خصوصية الواحة ؛ يخططون وفق أمزجتهم الضيقة البسيطة وقد نسوا أنهم يهلكون الحرث والنسل ؛ فإلى متى يتم التفكير في حقوق الأجيال القادمة ؟ حقوق المؤسسات ؟ حقوق الواحات ؟ وما شب فيها من حرائق مهولة في الآونة الأخيرة ؛ فهل من تدبير حكيم لهذه الإشكاليات أيها السياسويون ؟ دعونا نتنفس هواءً نقيا لقد أجهز الزحف الإسمنتي على الأخضر واليابس وإلى متى سيتم الكف عن طعن الواحات من خواصرها ؟ ومتى يعاد فتح تحقيق نزيه وعادل في ملفات العقار بتنغير وبومالن دادس وقلعة الورود وفي كل النوازل المعروضة على القضاء ؟
كل ما في الأمر أن الراسخون في مجالات التخطيط والتعمير يجمعون على أن من بيدهم زمام الأمور لايجيدون التخطيط وفق تعمير مندمج يراعي خصوصية الواحة ٠
عبد الله سدراتي