ثداولت كل الصحف الورقية والإلكترونية ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة نبأ اعتداء شنيع على أستاذ من قبل قاصر وذلك بمدينة ورزازات. الخبر لم يكن مفاجئا لكون الواقعة تكررت أكثر من مرة بمؤسساتنا التعليمية والضحايا هم رجال التعليم.
السؤال الذي يجب البحث عن جوابه : أين هو مكمن الخلل في منظومات التعليمية؟
ومن المسؤل عما وصلت إليه وضعية التلميذ والطالب داخل محيطه الخاص والعام ؟ وهل منظومتنا التربوية تعاني من مناهجها التلقينية ام ان للبيت دور في سوء تلقين تربية أبنائهم؟
في رأيي أن الأمر يتعلق بكل هته الأسباب ناهيكم عن دخول عناصر جديدة تتمثل في انتشار المواد المخدرة القوية على مقربة من كل مؤسساتنا التعليمية ؟
أتذكر وانا تلميذ تم طالب أن جيلنا تلقى مبادئ تكرم المعلم وتحترم زوار القسم بعبارات الترحيب :” مرحبا بضيوفنا الكرام”.
كنا نرددها تلقائيا ونعرف قيمتها كونها قاعدة مألوفة داخل بيوتنا إذ يحدثنا الأكبر منا سنا قولا:” اذا شتمك أحد فقل له الله يرحم والديك”.
ماذا حصل يا ترى للمجتمع المغربي؟
أين الحكماء ممن تولوا تربيتنا وتوجيهنا وغرس روح الاحترام والتقدير والقناعة في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة؟
اليوم ورغم تغير الأوضاع الاقتصادية وتيسر المنحى التواصلي وتوافر المعلومة بحكم التطور التقني غابت الأخلاق واندثر الإحساس الإنساني وغابت مسؤولية أولياء الأمور بفعل اللامبالاة والانشغال بأمور جانبية بدل الاعتكاف على توجيه الأبناء وتربيتهم التربية الحسنة.
طالما اتابع قضايا القصر ناقصي الأهلية( ناقصي الأهلية هم من حدد سنهم بين 12 سنة و18 سنة ) ولا أقصد عديميها ( عديمي الأهلية هم الفئة الأقل من سن 12 سنة )وهم يقضون مددا بمؤسسات إصلاحية بفعل جرائم ارتكبوها حيث أقف على طابور من الأمهات والآباء محملين بأشهى الأكل يتباهون بها وكأنهم في زيارة لموعد تخرج ابنائهم من جامعات أو معاهد عليا.
بالامس القريب تابعنا عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة ما حدث بإصلاحية الدار البيضاء من تمرد للقاصرين من خلال اضرامهم للنار بالافرشة والسيارات والمكاتب وملفات المؤسسة والاعتداء على الحرس والشرطة ومحاولة فرارهم من المؤسسة بطريقة هليودية .
في رأيي انه يجب إعادة النظر في سن القاصر ليصبح 16 سنة بدل 18 سنة شمسية كاملة وذلك للاسباب التالية:
-أن سن 17 و18 سنة في ظل العصر الحالي وبفضل انخراطهم في الوسائل التقنية الحديثة يجعل منهم شبابا ناضجا مسؤولا تجاه انفسهم وكذا تجاه أحكام القانون.
– أن الأغلبية من القصر الجانحين يتسترون بالضمانات والامتيازات التي احاطهم بها القانون والتي تجنبهم العقوبات الجنائية التي تطال الرشداء .
– أن الجانحين من القصر يتعذر إعادة تأهيلهم وادماجهم داخل المنظومة المجتمعية لقلة المختصين وكذا قلة الموارد المالية.
– أن إقحام قصر بسن متقدمة مع من هم أقل سنا يجعلهم مدرسة تلقين للخطط الجرمية ناهيكم عن الاعتداءات التي ترافق هذا الاختلاط داخل المؤسسة الإصلاحية.
لذا فليس من قبيل الاستغراب أن نرى تلميذا بسن 17 سنة ببنيته القوية يصب جامة غضبه على استاذه المسن ويلح على نفسه بمواصلة الاعتداء على الرغم من تدخل زملائه من باقي التلاميذ.
بغض النظر عن معرفة السبب فالامر لا يتطلب مثل هذا الرد العنيف تجاه أستاذه وذلك حفاظا على السير العادي للمؤسسة وكذا حفظ كرامة رجال التعليم.
بالامس القريب اصدر وزير التربية الوطنية السيد محمد حصاد حينما دعى الى الحزم تجاه كل السلوكات الشادة وهو أمر محمود بالنظر إلى ما أصبحت تعرفه منظومات التعليمية من انحرافات خطيرة تجاة التلاميذ بعضهم البعض أو تجاه محيط المؤسسة أو تجاه رجال التعليم.
هل العقوبة السجنية وما يرافقها من طرد من المؤسسة التعليبية كفيل بإصلاح الجانح خصوصا وأن واقع طرده وتقييد حريته سيجعل منه شخصا جانحا وشادا بحكم العطالة وغياب فرصة بناء المستقبل بفعل الانقطاع عن التمدرس؟ .
في رأيي وتفاديا لمثل هته النتيجة الخطيرة فالارجح أن يتم تقيد حريته بمؤسسة إصلاحية لكن من دون طرده من المؤسسة ليكون ليواصل تعليمه داخل المؤسسة الإصلاحية مع ما يتصل بذلك من إصلاح وتربية .
إذا ما البديل ياترى؟ فأين نحن من مسيري الشأن العام في هذا الباب ؟
لننتظر المستقبل عسى أن يهدينا رجلا مناسبا في مكانه المناسب.
نورالدين حداد