شهدت رحاب دار الشباب بمدينة وادي زم مؤخرا، تنظيم ندوة فكرية، حول موضوع “20 غشت في الغناء الشعبي”، وذلك في إطار فعاليات الدورة الثانية لملتقى السينما والتاريخ، التي اختتمت مساء أمس الخميس.
وشارك في هذه الندوة القيمة التي نشطها وسيرها الأستاذ حسن مجتهد، كل من الدكاترة الحبيب ناصري أستاذ باحث متخصص في نقد الفنون، رئيس المهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بخريبكة، والشرقي نصراوي باحث في علم السيميولوجيا بكلية خريبكة المتعددة التخصصات، فضلا عن عبد الفتاح هشمي باحث في التاريخ.
ولامس هشمي في مداخلته، ثلاث محاور، ارتبطت بمدينة وادي زم وثورة الملك والشعب كملحمة تاريخية للكفاح ضد المستعمر، فضلا عن السياقات التاريخية للانتفاضة بمدينة الشهداء، ثم القيم التي ارتكزت عليها هذه الملحمة باعتبارها قيم للمدرسة الوطنية المغربية الحقة.
أما الدكتور ناصري، فقد تحدث في مداخلته المهمة، عن الكثير من الاشراقات الوطنية والنضالية التي ميزت مدينة وادي زم خلال فترة الاستعمار الفرنسي، مبرزا أن الغناء الشعبي، الذي يضل غناء جماعيا سواء من خلال أغاني عبيدات الرما، أو الأغنية التراثية الشعبية، وثق بشكل كبير لتلك الفترة المضيئة من تاريخ المغرب في كفاحه من اجل الاستقلال.
وكشف ناصري أن قصيدة”الشجعان” هي ملكية جماعية في الذاكرة الفنية والتراثية المحلية الوطنية، خلافا مثلا لأغنية “راحلة” لمحمد الحياني التي هي أغنية موثقة، مؤكدا أن الغناء البدوي، كعبيدات الرما او العيطة في مجمله يبقى ملكا للجميع، أرخ للكثير من الأحداث والوقائع التاريخية والوجدانية ومنها أحداث وادي زم.
وشدد على أن الغناء الشعبي، يبقى مصدرا حقيقيا للكتابة التاريخية، كما تم توظيفه في الكثير من الأشكال الفنية الأخرى، ومنها المسرح والسينما والتشكيل، وذلك بهدف تنوير الحقائق، والمساهمة الفعالة في الكشف عن نقاب التاريخ الوطني المغربي المجيد.
بدوره أبرز الدكتور نصراوي في الندوة التي سبقتها معزوفة مؤثرة وجميلة أدتها الفنانة أميمة ناصري على إلى البيانو تكريما لشهداء المدينة، القيمة التاريخية والوطنية والجمالية والنضالية المستميتة لمدينة وادي زم الشهيدة وقبائلها المجاورة، والتي لعبت دورا بطوليا شهد له العالم، خلال ثورة الملك والشعب، والدفاع عن العرش العلوي، وخروج المستعمر، وعودة الملك المغفور له محمد الخامس طيب الله ثراه من المنفى، وحصول المغرب على الاستقلال.
كما قدم نصراوي بالمناسبة، التي أعقبها نقاش مستفيض، قصيدة شخصية جميلة تغنى فيها بمدينة وادي زم، وبما “يمو” في دواخله من حب جارف لهذه المدينة الجميلة، داعيا بالمناسبة إلى ضرورة اهتمام الجمهور، بمثل هذه الندوات التي تقدم للأجيال الجديدة صورة مشرقة لتاريخ المدينة المجيد، فضلا عن ايلاء مثل هذه المبادرات والتظاهرات الفنية والسينمائية مزيدا من الاهتمام والدعم، لما لها من دور كبير في تكريس البعد التاريخي والوطني لدى الأجيال، حيث ستظل مدينة وادي زم مفخرة تاريخية ووشما لا ينمحي أبدا.
يشار إلى أن هذه التظاهرة السينمائية، التي تنظمها جمعية بلادي للتنمية والتعاون بدعم من المركز السينمائي المغربي والتعاون مع الجماعة الحضرية، شهدت تقديم العديد من الأفلام التاريخية ك”ولولة الروح” لعبد الإله الجواهري، و”بامو” لإدريس المريني، و”زينب زهرة أغمات” لفريدة بليزيد، و”أصداء من الصحراء” لرشيد القاسمي، فضلا عن معرض فني تاريخي، وتكريم شخصيات بارزة طبعت الحركة التاريخية والنضالية في المنطقة بالتميز.
ص. مصطفى