أخباركم : متابعة
تداول عدد كبير من مرتادي شبكات التواصل الاجتماعي (واتساب)، صورة منتخب جماعي (مستشار) بالمجلس الجماعي لأولاد تايمة عن أغلبية البيجيدي المسيرة، وهو ضمن حشود العمال الزراعيين الذين حجوا بكثافة غير متوقعة يوم الأربعاء 11 شتنبر الجاري لدار الشباب أولاد تايمة للظفر بفرصة الهجرة للعمل بالديار الفرنسية.
وجاء التداول الكبير للصورة على خلفية الجدل وحرب “الكلاشات” وتبادل الاتهامات وتحميل المسؤوليات حول أسباب ومسببات أحداث ما بات يعرف بفضيحة “عمال فرنسا” التي شهدتها دار الشباب بأولاد تايمة خلال عملية تسجيل عمال زراعيين قصد العمل في مجال جني الحوامض بجزيرة كورسيكا الفرنسية، والتي تدور رحاها بين الفرع المحلي لحزب الاستقلال المعارض والفرع المحلي لحزب العدالة والتنمية المسير للجماعة الترابية لأولاد تايمة بأغلبية مريحة، حيث يعمل كل من الطريفين على تحميل المسؤولية للأخر في دوافع وخلفيات إقبال الآلاف من شباب هوارة ورغبتهم الجامحة للهجرة آو بالأحرى الهروب من المنطقة.
فبينما يذهب حزب الاستقلال المعارض لتحميل مسؤولية الأحداث لمسيري الشأن العام الوطني والمحلي (حكومة العثماني والمجلس الجماعي لإخوانه بأولاد تايمة)، حمل رد بيجيديي أولاد تايمة الأسباب لمخلفات التسيير الجماعي السابق “الفاسدة” مبرزا النجاحات والانجازات التي تحققت في عهدهم من خلال البيات التوضيحية والجداول الرقمية والرسومات ثلاثية الأبعاد، غير أن ظهور صورة لمستشار جماعي بأولاد تايمة عن حزب العثماني ضمن المتدافعين للظفر بفرصة عمل بحقول الليمون بفرنسا غيرت نوعا ما من المعادلة، وحملت بيجيديي أولاد تايمة على التزام الصمت، وإمعان التفكير مليا وجديا في مدى واقعية عملهم التمثيلي وفعالية انجازاتهم المزعومة ومدى ثقة المواطنين بهم.
وبعيدا عن التطاحنات السياسوية، وبنظرة المحلل البسيط لمجريات عملية تسجيل العمال الزراعيين التي شهدتها دار الشباب أولاد تايمة، وبتأمل صورة المستشار الجماعي المتلهف لهجرة الديار، وبالتمعن في اغلب الوجوه التي تضمنتها الفيديوهات والصور التي وثقت الوقائع، ستستنتج أن جل المتقدمين ينتمون إلى المجال الحضري (باشوية أولاد تايمة) رغم أن عرض العمل ينص صراحة أن ينتمي المترشح للعالم القروي، وان مجموعة منهم لا تربطه بالفلاحة غير الخير والإحسان، فهناك البناء والجزار والخراز والخياط ووو… وغيرهم، القاسم المشترك الذي يجمع الجميع هو الحلم الأوروبي، هو الرغبة في تحسين الوضع الاقتصادي، هو الحصول على عمل حقيقي بعيدا عن البطالة المقنعة التي يعيشونها، هو الأجر المغري لا الأجرة التي لا تكفيهم حتى لسداد فواتير الماء والكهرباء والكراء، هي الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية التي يفتقدونها في مدينتهم وبلدهم.
وهذه الاستنتاجات كلها حسب مهتمين بالشأن العام المحلي، ما هي إلا رسائل صريحة تسائل حزب البيجيدي المسير للحكومة (لما يزيد عن سبع سنوات) ولبلدية أولاد تايمة بأغلبية ساحقة حول التنمية المزعومة مادام أبناء العشيرة المقربين جدا فقدوا الثقة في الإصلاح المفترض، ودلائل واضحة لأولي الألباب عن فشل النموذج التنموية الذي يتم تنزيله بمدينة أولاد تايمة، والذي لم يراعي النمو الديموغرافي الكبير والتحولات السوسيو_اقتصادية التي عرفتها المنطقة وساكنتها، واعتمد المنهجية المقاولاتية الصرفة والمالية الجافة المبنية على تنمية إيرادات الجماعة على حساب تنمية المواطن (تنمية البنيان عوض الإنسان)، وعلى الرفع من قيمة الضرائب والرسوم على حساب تشجيع الاستثمار وتحفيز المستثمرين، وعلى الدخول في عداءات وخصومات مع الفاعلين الاقتصاديين والأعيان عوض استمالتهم لخلق شراكات بناءة وعلاقات رابح-رابح تحقق للجميع أهدافه وغاياته، وعلى اقصاء الخصوم السياسيين عوض اعمال المقاربة التشاركية والاشراكية لبلورة استرايجية عمل شاملة ومتكاملة تخدم عموم المواطنين، وعلى التركيز على المظاهر والمشروعات الدعائية والكماليات لتمرير بروباغاندا إعلامية سياسوية عقيمة عوض الغوص في لب هموم المواطن التايمي والإنصات لانشغالاته الحقيقية والاستجابة لمتطلباته الواقعية الأولوية، فالساكنة المحلية ليست بحاجة لقصر بلدي ولا لحدائق ولا لملاعب قرب، بقدر مطالبتهم بعمل قار يضمن لهم كرامة عيش ويكفيها ذل الحاجة والحكرة، وأمن يحميهم اعتداءات اللصوص والمجرمين، ومستشفيات تضمن لهم العلاج والصحة، ومؤسسات ومرافق أخرى تضمن لهم ولأبنائهن العيش في طمأنينة وكرامة وإنسانية، تطالب بأولويات الاستقرار قبل كمالياته، الشغل والصحة والأمن قبل الترفيه والثقافة والتراث.
ختاما، وسواء تقبل إخوان العثماني تحمل مسؤولية ما تعيشه ساكنة أولاد تايمة عوض المراوغة وإلصاق فشلهم في تبعات الماضي السحيق وحجب الشمس بالغربال، فالأكيد أن الحشود الهوارية المتلهفة للهجرة إلى أوروبا كشفت النقاب عن فقدها الثقة في مسيري الشأن العام بالمنطقة ووعود بائعي الوهم، وفقد الأمل في غد مشرق ومستقبل أفضل، فما أضيق العيش بلا أمل، ونصيحة للإخوان، كما لم تسلموا أخاكم “المرفح” للقضاء، فلا تسلموا أخاكم “البوفري” للعطالة أو النفي لكورسيكا، فعلى الأقل شاركوا معاه “الخير لي جاكم” كما قال زعيمكم مول الحكمة، راه قالوا ناس زمان “اللي ما فيه خير لأهله ما فيه خير للناس”.
الله اجيب الشتا.