في إطار سلسلة من الحوارات التي تقوم بها ” أخباركم ” مع مجموعة من الوجوه السياسية و النقابية و الرياضية و الفنية و صناع القرار ، تستضيف ” أخباركم ” وجه نقابي ، و يتعلق الأمر بنائب الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم UMT ” محمد خفيفي ” الذي يعتبر من المسؤولين النقابيين البارزين في الساحة الوطنية لمواقفه الشجاعة و لجرأته و حنكته و ثقافته الواسعة و إلمامه الكبير بشتى المواضيع ، و لتقريب قراء أخباركم من قرار إستئناف الدراسة و القرارات التي إتخذتها الوزارة الوصية في هذا الشأن ، جاء حوارنا معه كالتالي :
حاوره / عبد الحكيم الطالحي
1 _ ماهو تعليقكم على قرار عدم استئناف الدراسة و الإقتصار على إمتحانات البكالوريا ؟
لا بد من الإشارة أن قرارا بهذا الحجم يصعب الانفراد به بالنسبة للوزارة ، للحقيقة وللتاريخ فالوزارة فتحت قنوات الاستشارة مع النقابات التعليمية وهو الذي يهمنا هنا بالإضافة لمكونات أخرى، وكان ردنا من خلال مذكرة تقدمت بها الجامعة الوطنية للتعليم UMT من خلال سيناريوهات ممكنة ومحتملة لما بعد 20 ماي، وكان تركيزنا الأساسي أن المتحكم في هذا القرارات هو الحالة الوبائية في المغرب ومدى القدرة على الرفع التدريجي للحجر، قرار الوزارة نحن نثمنه لاعتبارات أساسية فيها أولا عدم القدرة على المغامرة بأرواح أبناء الشعب المغربي ونحن نتحدث هنا عما يقارب تسعة ملايين متعلم ومتعلمة صحة أبنائنا تهمنا ، ويهمنا معها سلامة العاملين والعاملات بقطاع التربية الوطنية، ، لا نريد أن تتحول المؤسسات التعليمية إلى بؤر للوباء، لا نريد أن نعيش تجربة بعض الدول التي فشلت في تطويق الوباء وعاشت الكوارث ، إضافة إلى ما يمكن أن يكلفه الأمر على مستوى التدبير في ظروف حرجة تتطلب حذرا واحترازا كبيرين، لذلك اعتبرنا أن القرار صائب ويسير في اتجاه الحفاظ على أرواح المواطنين والابتعاد عن المغامرة الغير محسوبة العواقب، استئناف الدراسة في شهر شتنبر سيمكن من تدبير الأمور بحكمة وعقلانية ، تدبير دخول مدرسي يأخذ بعين الاعتبار الوضعية الجديدة للخريطة المدرسية ويأخذ بعين الاعتبار مستويات الدعم التربوي ويفكر في استدراك مافات لمواصلة السيرورة التربوية ووصل السابق باللاحق.
2 _ هل يمكن القول أن هذه الحزمة من القرارات كانت صائبة وتصب في الإتجاه الصحيح ؟
يصعب، في السياق الذي نعيش فيه، الحكم على عدد من القرارات بكونها صائبة أو خاطئة ولكن الوزارة كانت مجبرة على اتخاذ هذه القرارات بما فيها اجتياز امتحان السنة الثانية باكلوريا في شهر يوليوز وتأخير امتحان السنة الأولى لشهر شتنبر واعتماد نقط المراقبة المستمرة للانتقال في المستويات الأخرى مع إعطاء صلاحيات لمجالس الأقسام،والاعتماد على ما تم إنجازه قبل 14 مارس من خلال التعليم الحضوري، فبطبيعة الحال بعض هذه القرارات لم يكن ليلائم فئات وجهات معينة لذلك عبرت عن تحفظها، نحن نضع في الاعتبار الاستثناء الذي يضع معايير التقويم خارج إطارها العادي والمتعارف عليه، ويضع استمرارية المعارف موضع تساؤل كبير بمعنى كيف سيمكن جبر هذا التقطيع الحاصل في السيرورة المعرفية ، رغم الجهد الذي بدل على مستوى التعليم عن بعد.
3 _ من خلال القرارات التي اعتمدت، تقرر الاعتماد في الامتحانات على الدروس الحضورية، هل يمكن القول أن الدروس عن بعد في فترة الحجر الصحي لم تكن تجربة ناجحة ؟
يعرف الجميع أن وزارة التربية الوطنية أطلقت خلال هذا الأسبوع استمارات موجهة للأساتذة ولأولياء التلاميذ وللمتعلمين في محاولة لتقييم تجربة التعليم عن بعد، ونعتقد أن خلاصات هذه الاستمارات ستكون مفيدة إذا ما تم تدقيق نتائجها في إبراز الاختلالات التي عرفها التعليم عن بعد، لا يمكن أن ننفي أن هذا التعليم قام بدور أساسي في ضمان السيرورة البداغوجية وفي تحصين التواصل بين المتعلمين ودروسهم، وهنا لا بد أن نوجه تحية لكل العاملين بقطاع التربية الوطنية الذين ساهموا في إنجاح هذا العمل، فطبيعي لعمل كان فجائيا وغير مهيأ له أن تعتريه بعض النواقص وأولها إخلاله بمبدأ تكافؤ الفرص بين فئات المتعلمين ، فئات لم تستطع المواكبة لعدم توفرها على هواتف وفئات تعذر عليها الحصول على صبيب الأنترنيت وفئات لم تجد من يدعم تواصلها بحكم غياب الأسر عن المواكبة و المصاحبة، وعدد من التلاميذ لم يجدوا في التعليم التلفزي جاذبية تشدهم لمتابعة الدروس، المهم هذه تجربة مهمة راكمنا فيها عددا من الموارد الرقمية التي ستكون مدعمة لما نبتغيه من تعليم عن بعد يأخذ بعين الاعتبار الوضع المادي والاجتماعي للأسر المغربية ويساهم بشكل فعال في انخراط منظومتنا فيما يسمى المدرسة الذكية التي هي المستقبل، مستقبل الرقمنة والمنافسة الشرسة على اقتصاد المعرفة. أما الاعتماد على الدروس الحضورية فإنه إجابة موضوعية لما قلناه سابقا وهو الإقرار بتفاوتات معرفية خلقها التعليم عن بعد ولا يمكن تجاوزها الآن إلا بقرار مثل هذا.
المهم في هذه القرارات أنها تنبهنا جميعا إلى ضرورة الاهتمام بقطاع التعليم وقطاع الصحة وبكل العاملين بهما، كمداخل أساسية للتطور والتقدم، وأن المستقبل الحقيقي يصنعه العلم ولا شيء غير العلم. وأن الانخراط في تطوير المدرسة العمومية يجب أن ينهض باتجاه الابتعاد عن المزايدات السياسوية وينطلق بوطنية وعزيمة وإرادة تعيد الاعتبار للمدرسة العمومية ولكل العاملين والمرتبطين بها.