قالت القاضية أمال حماني، التي استدعتها المفتشية العامة بوزارة العدل، بأمر من وزير العدل والحريات، من أجل الاستماع إليها على خلفية بعض مقالاتها وتدويناتها في موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، والتي اعتبرها بعض البرلمانيين تهديدا لهم، وخرقا لواجب التحفظ والأخلاقيات المهنية، (قالت) إنها تلقت الاستدعاء باستغراب شديد، إذ بينما يجب متابعة المفسدين ومحاسبتهم، أصبحت قاضية عبرت عن رأيها في “فايسبوك” متهمة بتهديد البلد وغير ذلك.
وأوضحت القاضية في اتصال مع موقع “اليوم 24″، أن المفتش العام لوزارة العدل والحريات استمع إليها مطولا، وطلب توضيحات منها حول المقالات والتدوينات التي نشرتها على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، وهو ما قامت به، حيث قدمت توضيحات في شأن مقالاتها وما قصدته بها. وفيما يلي نص الحوار:
كيف تلقيت استدعاءك من قبل المفتش العام لوزارة العدل والحريات؟
تلقيت ذلك باستغراب، لأنه بدل أن يحاسب المسؤولون المفسدين ويطبقوا مبدأ “من أين لك هذا”؟، أصبحوا يتهموننا نحن بتهديد البلاد، فهل البلد مهددة من طرف المفسدين، الذين يمتصون دماء المواطنين؟ أم من طرف قاضية كتبت تدوينات في “فايسبوك” تعبر فيها عن رأيها، مع العلم أن “فايسبوك” وسيلة نقدم من خلالها خدمات للمواطنين، حيث أتلقى العديد من الأسئلة، وأرشد المواطنين لما يجب أن يقوموا به في سبيل الله، لأننا ولله الحمد نزهاء إلى أقصى حد، ولا أمد يدي إلى أحد، كل ما في الأمر أنني قاضية من بين العديد من القضاة، الذين يدافعون عن استقلالية هذه السلطة، التي سيستفيد منها المواطن أولا وأخيرا.
حول ماذا استمع إليك المفتش العام؟
أخبرني المفتش العام أنه سيتم الاستماع إلي بخصوص بعض المنشورات، التي سبق أن نشرتها على موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك”، فطلبت أن يكون معي من يؤازرني، لكنه طمأنني بأن الأمر لا يعدو كونه تقديم توضيحات حول ما نشرت، كما سألني ماذا أقصد بذلك، وهو ما تم بالفعل، حيث قدمت توضيحاتي بشأن المقالات والمنشورات، التي عرضها علي وناقشها معي من الساعة العاشرة والنصف صباحا إلى حوالي الثالثة بعد الزوال.
وللإشارة فالمنشور، الذي عممته وزارة العدل والحريات عبر وسائل الإعلام لم يناقشه معي المفتش العام.
ماذا تقصدين بذلك المنشور؟
أقصد بأن النصوص القانونية ستطبق على جميع المواطنين بغض النظر عن صفاتهم، وقصدت كذلك أننا قضاةً رغم أن القانون لن يترك حيزا كبيرا للاجتهاد، فإننا سندافع عن استقلاليتنا، وسنحاول تطبيق القانون.
حينما نطالب باستقلال السلطة القضائية، فليس من باب الترف، نحن نريد قضاء مستقلا كما هو الشأن بالنسبة إلى الدول المتقدمة، حيث إن كبار المسؤولين والوزراء يمثلون أمام القضاء، ويمكن أن يحاكموا كباقي الناس.
ما ينبغي أن نؤكده أننا سنظل مدافعين عن السلطة القضائية، حتى وإن تم تمرير مشاريع القوانين الأخيرة، التي نعتبر أن الكثير من مقتضياتها غير دستورية، وهو ما جعلنا نطالب بتحكيم ملكي في هذا الشأن.
ما ينبغي أن يعلمه الجميع أن استقلال السلطة القضائية في مصلحة الجميع، والمتقاضين بالدرجة الأولى، فلا يمكن لقاض غير مستقل أن يعيد للمظلومين من المواطنين حقهم.
اليوم أصبح القاضي مهددا بالعزل، حتى وإن ارتكب خطئا بحسن نية، وهو ما يجعله يشتغل في ظل الرعب أمام ضعيته المهنية الهشة.