أخباركم : السبت 13 يونيو 2020
لا يمكن لجاحد أن ينكر تألق وشجاعة وزراء في تدبير أزمة كورونا، انطلاقا من قطاعاتهم، بغض النظر عن بعض الهفوات، لأنهم سنوا قرارات متناسقة ومواكبة لتطور الوضع الوبائي، في إطار تنزيل تعليمات ملكية سامية حريصة على أولوية سلامة المواطن دون التضحية بالمجتمع والإقتصاد ومع الأخذ بكل ما من شأنه تخفيف الضرر الناتج عن هذا الوباء.
عبد الوافي لفتيت.. صرامة التنزيل والتنسيق
لقد كان عبد الوافي لفتيت، وزير أمّ الوزارات، على المحك، بدرجة أولى، لتفعيل وتطبيق حالة لم يشهد المغرب مثيلا لها، وما يستدعيه ذلك من أعلى مستويات التنسيق الدقيقة مع كافة الأجهزة المرتبطة بعمل الوزارة، لأنه سيتم تقييد حركة حوالي 36 مليون نسمة. وبشهادة الجميع نجح الرجل في مهمته، وبدت قراراته سلسة ومتغيرة حسب الوضع الوبائي، متناسقة مع باقي القطاعات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية (تفعيل الححر الصحي، تنظيم الأنشطة التجارية والاقتصادية، الإشراف على عمليات توزيع الدعم للمتضررين…)، وفي نفس الوقت كان حازما ليواجه أي خرق أو محاولة نسف لمجهودات وطن بأكمله (حملات أمنية يومية لفرض حظر التجول وتحسيس المغاربة…)، بتنسيق وثيق مع مديرية الحموشي وإدارة حارامو ورئاسة النيابة العامة. وهذا ما أمّن عملية تنزيل حالة الطوارئ الصحية التي أعد لها الوزير مؤخرا مرسوما صودق عليه أدخلها في مرحلة جديدة بعد تقسيم الأقاليم والجهات وتفويض الصلاحيات للولاة والعمال مع الإبقاء على الإشراف العام عليهم إلى أن تنتهي الجائحة.
بوريطة.. نقطة الضوء الوحيدة في تدبير ملف العالقين
رغم ما قيل وسيقال، دبرت وزارة الخارجية ملف العالقين وفق ما تمليه الظرفية الاستثنائية التي أغلقت المجالات الجوية العالمية، وليس لسبب آخر سوى أن الأمر ظل مرتبطا بضوء أخضر ينتظر ناصر بوريطة أن يُعطى له من قبل السلطات الصحية، باعتبارها المعنية برصد تطور الوباء في بلادنا. ومنذ مارس إلى غاية بدء عودة بعض العالقين في هذا الشهر كانت الوزارة تصب اهتمامها على ضمان سلامة المعنيين وتوفير ما يلزم إلى حين عودتهم، ووضعت برنامجا تنسيقيا لأن الأمر متعلق بعشرات الآلاف، وتكلفت بإيواء الآلاف منهم في بعض الدول، وحرصت على وضع منصة رقمية للمساعدة الطبية والنفسية عن بعد لفائدتهم. ولم تكن وزارة الخارجية لتنجح في هذه المهمة الشبه مستحيلة لو لم يتمكن الوزير بوريطة من توفير اعتمادات مالية استثنائية من العملة الصعبة لم تكن مبرمجة برسم ميزانية وزارته لهذه السنة.
وفي إطار السماح لعمليات إجلاء الأجانب لأغراض إنسانية، كان بوريطة جريئا في فضح بلجيكا وهولندا اللتين رحلتا رعاياها من المغرب بمنطق التمييز العنصري، ولم يخف أن عددا من المغاربة العالقين بالخارج هم الذين رفضوا العودة إلى بلدهم بعد إدراجهم في قوائم العائدين. كما كان بوريطة حازما في تدبير ملف العالقين في سبتة ومليلية، بعدما رأى كيف تلاعبت سلطات المدينتين المحتلتين في اللوائح التي سلمتها للسلطات المغربية.
أخنوش.. ضمان الإنتاجية والعرض
استطاعت وزارة الفلاحة والصيد البحري، التي يرأسها عزيز أخنوش، تدبير القطاع، بشكل مرضي، وتكييفه مع الوضع الاستثنائي، إذ حافظت على الأنشطة والإنتاجية، وظهر ذلك من خلال استمرارية تموين السوق بالمنتوجات الغذائية الفلاحية والبحرية، بأتمنى جد مناسبة، في ظل الإقبال الذي ارتفع مع بداية الجائحة وحلول شهر رمضان وعيد الفطر. إذ تم التموين من خلال المخزونات الحالية توزيع الزراعات الربيعية والرفع من الحاجيات الوطنية من الحبوب والقطاني ومن القدرات الإنتاجية لوحدات التصنيع…
لذلك يُحسب للوزارة عدم وقوعها في مشكل النقص أو الانقطاع في المنتوج، بفضل التوجيهات التي أعطيت للكتاب العامين لقطاعات الفلاحة والصيد البحري والمياه والغابات، والمديرون الجهويون والاقليميون ومديرو المؤسسات التابعة للوزارة وكذلك مع مندوبي الصيد البحري. في الوقت الذي حرصت على التخفيف نسبيا من آثار الفيروس على الفلاحين بفضل المواكبة المعنوية والمساعدة الماظية.
وتستمر وزارة أخنوش في تحديها لتداعيات كورونا، مشددة على أنها مستعدة لمناسبة عيد الأضحى المقبل، وما يتطلبه من تنظيم للأسواق الأسبوعية وتوفير الأضاحي وترقيمها لضمان العرض في احترام تام لشروط السلامة والوقاية
مولاي حفيظ العلمي.. إنتاجية فعالة
من جهتها حرصت وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، التي يرأسها مولاي حفيظ العلمي، على ألا تؤثر حالة الطوارئ الصحية على الأنشطة التجارية والخدماتية، وسعت إلى ذلك من خلال إجراءات كثيرة أعلن عنها الوزير، أولها إحداث لجنة لليقظة الاستراتيجية لبحث تأثيرات الفيروس، وحرص، مع اقتراب رمضان، على ضمان سلاسل التموين والأسواق في قطاعي الصناعة والتجارة وتأمين المخزونات من المواد الأساسية.
وفي الشق المتعلق بالمهنيين، أطلق برنامجا لدعم استثمارات المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة التي تستثمر في مجال تصنيع المنتجات والمعدات المستعملة في مواجهة جائحة كورونا. وأعطت الوزارة دفعة قوية لجهود محاربة الفيروس بعدما قادت وحدات صناعية إلى إنتاج الكمامات والأجهزة الواقية والتنفسية، مما ساعد وزارة الصحة في عملها. وبهذا الجهد أضحى المغرب مصدرا للكمامات إلى أكثر من دولة. وبتوجيهات الوزارة تمكنت المقاولات من الاستفادة، عبر الوكالة الوطنية للنهوض بالمقاولة الصغرى والمتوسطة، من نسبة تحمل تبلغ 80 بالمائة من كلفة المواكبة.
بنشعبون.. الساهر الأمين على توزيع المال
كتبت مجلة “جون أفريك” مؤخرا أن وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، تجاوز رئيس الحكومة من خلال لجنة اليقظة الاقتصادية التي يترأسها القادم من قطاع البنوك، وأضحى حكومة داخل حكومة. وقد برزت بصمته في قرارات اللجنة في تدبيرها لأزمة كورونا خصوصا في الشق الاقتصادي والمقاولاتي، والتي كانت متوافقة مع العمل التكاملي للجنة. وهو ما خلق في وقت سابق سجالا في البرلمان حول الدور الذي يلعب بنشعبون في اللجنة مقارنة مع العثماني، الذي انتفض حينها قائلا إنه هو من فوض الأمر لوزير الاقتصاد.
هذا التفويض بمثابة اعتراف بأحقية الوزارة في ترأس لجنة يشرف عليها الملك وتضم أبرز القطاعات المعنية، وبأحقية أن تضع مخططات وتقديرات تتكلم لغة الأرقام والإحصائيات والحسابات لترشيد ميزانية صندوق تدبير كورونا الذي ضخت فيه 32 مليار درهم.
وقد رأى الجميع أن جل القرارات المشتركة التي صدرت طيلة هذه المدة تكون من ورائها وزارة الاقتصاد والمالية، وخرج بنشعبون في أكثر من مرة ليشرح بلغة الأرقام أين وصلت عمليات توزيع الدعم وسقف النفقات وأين صرفت وما المعمول بما تبقى منها، وحلّ مشكلة فوائد تأجيل سداد الديون ومشاكل المقاولات والشركات والأجراء بمنطق حسابي لا يجيده إلا من اشتغل في قطاع البنوك لسنوات.
سعيد أمزازي.. صاحب “التخريجات”
وجد وزير التعليم سعيد أمزازي نفسه أمام امتحان عسير، بعد أن تجاوز امتحان الأساتذة المتعاقدين والطلبة الأطباء، لكنه لم يتردد في أن يسن قرارات جريئة وتهم قطاعات حيوية وملايين التلاميذ والطلبة. وفيروس كورونا جعله يُدخل المغرب عالم تعليم حديث ما أحوجه إليه، يعتمد على التقنيات الحديثة وأنماطا بيداغوجية جديدة منذ إعلانه تعليق الدراسة الحضورية واعتماد تقنية التعليم عن بعد.
تقنية لم يعهدها المغرب وكان منتقدوه يرجحون فشلها، لكن رغم أنها لم تشمل نسبة من تلاميذ وطلبة العالم القروي نظرا لإكراهات الربط الشبكي الرقمي، إلا أنها نجحت في تجنيب المتمدرسين سنة بيضاء، حيث بقي متشبثا بعدم إعلان ذلك خصوصا حين كان منحنى الوباء في قمته، واستمر في ما قرره. إذ بعد أسبوع من اعتماد هذه التقنية تمت تغطية جميع المستويات بفضل مساهمات الأساتذة والتنسيق مع القنوات العمومية وشركات الاتصال، وهذا ما مكن الوزارة من إنتاج مضامين رقمية فاقت 500 مضمون، وأكد أن ما تم إنجازه كمضمون رقمي ودروس افتراضية، لم ننتجه طيلة عشر سنوات. دون إغفال مشاكل المنح الدراسية وامتحانات المدراس العليا…
وسارت الأمور كما خطط لها الوزير إلى أن أعلن إنهاء الموسم الدراسي، لكنه وجد “تخريجة” للامتحانات الجامعية والإشهادية وامتحانات البكالوريا، ويحرص الآن على توفير ضمانات اجتيازها ويعقد اجتماعات ماراثونية لتوفير فضاءاتها، واجتماعات أخرى زادت من متاعبه ليجد حلا لحرب المدارس الخصوصية وأباء تلاميذها بشأن المستحقات.