ويكتسب البيان المشترك الذي وقع بالأحرف الأولى من طرف وزيري العدل الرميد وتوبيرا، أهمية قصوى وجاء ليتوّج محادثات شرع فيها منذ عدة أشهر من قبل المسؤولين في البلدين
النظرة الاستراتيجية والحكيمة لجلالة الملك باعتباره يمثل الدولة المغربية التي أصبحت، لما تتمتع به من ثقل جيوسياسي بعمقها الإفريقي ودورها الريادي في منطقة المتوسط، تتعالى عن كل العقد والحزازات التي من شأنها أن تعطل منظومة الأمن القومي الإقليمي التي يعتبر المغرب جزءا منها وفاعلا أساسيا فيها
بعد مرور حوالي عام على تأزم العلاقات الدبلوماسية والقضائية بينهما، اتفق المغرب وفرنسا يوم السبت المنصرم، على تعديل اتفاق التعاون القضائي ومعاودة استئناف التعاون القانوني والقضائي، وذلك بحسب بيان مشترك صدر في أعقاب يومين من المفاوضات جرت في باريس (يومي 29 و30 يناير الماضي) بين مصطفى الرميد وزير العدل والحريات ونظيرته الفرنسية كريستيان توبيرا.
ويكتسب البيان المشترك الذي وقع بالأحرف الأولى من طرف وزيري العدل الرميد وتوبيرا، أهمية قصوى وجاء ليتوّج محادثات شرع فيها منذ عدة أشهر من قبل المسؤولين في البلدين، وذلك بهدف تجاوز ما بات يعرف بحادث “استدعاء مدير الاستخبارات المدنية المغربية” (عبد اللطيف حموشي) من طرف القضاء الفرنسي بتهمة “ممارسة التعذيب”. وهو الحاث الذي دفع بالسلطات المغربية إلى تعليق التعاون القضائي الثنائي مع الدولة الفرنسية منذ شهر فبراير 2014“ما يحدث بين الرباط وباريس لا يعدو أن يكون مجرد سحابة صيف عابرة”، هكذا وصف خبراء العلاقات المغربية-الفرنسية التوترات القائمة منذ سنة بين البلدين. فالعلاقات التاريخية العريقة والمتينة بين المغرب وفرنسا وكذا المصالح المشتركة التي تجمعهما لاسيما الاقتصادية والسياسية والأمنية، لا يمكن التفريط فيها
وإذا كان الموقف المغربي جاء كرد فعل على بعض التجاوزات الدبلوماسية التي يمكن فهمها في إطار النظرة التقليدية الفرنسية التي تحكمها الخلفية الاستعمارية التاريخية… فإن الرؤية الحكيمة وبعد النظر الدبلوماسي للمغرب اللذين تجسدهما الدبلوماسية الملكية في شخص جلالة الملك محمد السادس، ارتأتا إعادة المياه إلى مجاريها على الأقل في المجال القضائي، خاصة وأن المنطقة تواجه تحديات أمنية بعد الحادث الإرهابي الذي استهدف فرنسا في عقر دارها النظرة الاستراتيجية والحكيمة لجلالة الملك باعتباره يمثل الدولة المغربية التي أصبحت، لما تتمتع به من ثقل جيوسياسي بعمقها الإفريقي ودورها الريادي في منطقة المتوسط، تتعالى عن كل العقد والحزازات التي من شأنها أن تعطل منظومة الأمن القومي الإقليمي التي يعتبر المغرب جزءا منها وفاعلا أساسيا فيها
عودة التعاون المغربي-الفرنسي مدين لهذه السياسة الملكية الحكيمة، وربما ستفهم فرنسا آجلا أم عاجلا أنه من غير الممكن بناء نظام أمني إقليمي متوسطي دون حضور المغرب بما يمثله من ثقل استراتيجي، وجلالة الملك تلقف الرغبة الفرنسية في عودة هذه العلاقات وهذا التعاون نظرا للمصالح العليا المشتركة بين البلدين التي تصب في صالح المنطقة وأمنها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي
تحليل إخباري
بقلم: عبد الحق . ع