أخباركم : الدارالبيضاء
في معرض تعقيبه على مقالة منشورة بإحدى الجرائد الوطنية، أكد مصدر أمني أن المنظومة الجنائية الوطنية كانت صريحة في الفرع الثاني من الباب الثالث من مجموعة القانون الجنائي المغربي، بشأن تجاوز السلطات الإدارية أو القضائية لاختصاصاتها وإنكار العدالة، إذ أفرد الفصل 237 من القانون نفسه “عقوبة التجريد من الحقوق الوطنية لكل من تدخل من رجال القضاء أو ضباط الشرطة القضائية في أعمال السلطة التشريعية، وذلك إما بإصدار نظم تشتمل على نصوص تشريعية، أو بتعطيل أو توقيف تنفيذ قانون أو أكثر”.
وأردف المصدر ذاته، في تصريحه: “تأسيسا على هذا المعطى القانوني فإنه لا يسوغ لضابط الشرطة القضائية أو أي متدخل قضائي في سير الدعوى العمومية أن يركن إلى مرئيات الصحافي ناشر الخبر، والتي طالب فيها بانتقاء حالات التوقيف، وحصر تطبيق القانون على (الحالات القصوى)، لأنه إن يفعل ذلك يكون قد ارتكب جريمة قائمة الأركان، مستوفية للعناصر التأسيسية المادية والمعنوية، وموجبة لعقوبة التجريد من الحقوق الوطنية”.
وزاد المصدر ذاته: “لقد كان حريا بناشر هذه المعطيات التي يؤاخذ فيها على بعض مؤسسات إنفاذ القانون، بما فيها الشرطة القضائية، مسألة توقيف ومتابعة عدد كبير من المخالفين لحالة الطوارئ الصحية، أن يستحضر معطى قانونيا، لا يتداخل فيه الواقع، ولا يخضع لمقارنات طبية أو غيرها، مؤداه أن المشرع المغربي يحظر بصفة صريحة “تدخل السلطات الإدارية والقضائية في أعمال السلطة التشريعية، ويمنع تعطيل أو توقيف تنفيذ قانون أو أكثر”، وذلك تحت طائلة التجريد من الحقوق المدنية والعقوبات السالبة للحرية المقررة”.
واستطرد المصدر الأمني في تعقيبه على هذا الموضوع بأن “تطبيق التدابير القانونية الزجرية، في شقها المتعلق بالتجريم والعقاب، لا يخضع نهائيا للسلطة التقديرية لضابط الشرطة القضائية، وبالتالي فإن توصيفه لـ(الحالات القصوى) التي يتعين تطبيق القانون فيها من عدمه، كما يطالب بذلك الصحافي ناشر الخبر، يشكل خرقا صريحا لمبدأ النصية أو الشرعية، وهو من المبادئ الأساسية في القانون، كما أنه سيفتح الباب أمام التأويلات الشخصية للمقتضيات القانونية الزجرية، وللفردانية في تطبيق القانون، وهي مسألة مشوبة بالتجاوز في جميع التشريعات المقارنة، كما أنها تضرب في العمق المبدأ الدستوري المتعلق بالمساواة أمام القانون”.
وجوابا عن “مسألة اختفاء بلاغات المديرية العامة للأمن الوطني التي أثارها الصحافي موضوع التعقيب”، شدد المصدر ذات على أن “آليات التواصل التي تعتمدها مصالح الأمن الوطني متعددة، ومطبوعة بالشفافية، وتشتغل وفق أهداف تواصلية مُسطّرة سلفا”، مضيفا أن “مهام الإخبار والتواصل المؤسساتي لا تقتصر فقط على البلاغات، وإنما تعتمد آليات تواصلية أخرى بما فيها الرد المباشر على وسائل الإعلام التي تطلب معطيات تتعلق بعمل المرفق العام الشرطي”.
وإمعانا في التوضيح، أكد المصدر ذاته أن “وسائل الإعلام التي كانت تبحث بشكل جدي عن المعطيات الإحصائية المرتبطة بعدد المخالفين لحالة الطوارئ توجهت بطلب مباشر لمصالح التواصل التابعة للأمن الوطني، سواء على المستوى المركزي أو الجهوي، وحصلت عليها بشكل فوري وآني، ولم يتم حجب أي معطى عليها إلا ما يفرض القانون حجبه. وهناك العديد من المنابر الوطنية والوكالات الأجنبية التي نشرت هذه المعطيات الرقمية في الآونة الأخيرة دون إخفاء أو اختفاء لهذه المؤشرات الإحصائية”.
وأردف المصدر الأمني تصريحه حول هذه النقطة بأن “مخططات عمل الإعلام الأمني تفرض تحيين وأقلمة الأهداف التواصلية وفق انتظارات المواطنين ومطالبهم الأمنية”، وزاد: “ومن هذا المنظور، توصلت مصالح الأمن الوطني في الآونة الأخيرة بالعديد من الطلبات الصادرة عن المواطنات والمواطنين، إما بشكل مباشر عبر الدعامات التواصلية للأمن أو عبر المصادرة الإعلامية المفتوحة، والذين عبروا فيها عن رغبتهم في معرفة انعكاسات وتداعيات حالة الطوارئ الصحية على وضعهم الأمني”.
واستجابة لهذه الطلبات، يضيف المصدر ذاته، “شرعت مصالح الأمن الوطني في نشر بلاغات دورية حول انعكاسات حالة الطوارئ الصحية على الرسم البياني للمظهر العام للجريمة والإجرام العنيف، وكذا تداعيات الحظر الصحي على مؤشرات حوادث السير في المدار الحضري، كما نزعت أيضا نحو الإمعان في نشر البلاغات المرتبطة بالخدمات الأمنية التي لها علاقة بمصالح المرتفقين، بما في ذلك شروط وآجال إصدار البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية لفائدة المترشحين للباكالوريا، وكيفية التواصل مع البوابة الإلكترونية بشأن التبليغ عن حالات خرق فترة الطوارئ الصحية…الخ”.
“المسألة تتعلق هنا بأهداف الإستراتيجية التواصلية للأمن الوطني، وبانتظارات المواطنين من المرفق العام الشرطي، ولا علاقة لها بأي حجب أو اختفاء كما يزعم البعض، والدليل أن العديد من المنابر الإعلامية الوطنية والدولية أعدت روبورتاجات وأنشطة تواصلية، بالتنسيق مع مصالح الشرطة، ونشرت فيها معطيات إحصائية حول عدد الأشخاص المحالين على العدالة في إطار خرق حالة الطوارئ الصحية”، يورد المصدر الأمني.
وكانت “المقارنة المنجزة بين عدد الأشخاص الموقوفين في إطار حالة الطوارئ الصحية وأعداد الخاضعين للتحاليل المخبرية بسبب شبهة الإصابة بفيروس كوفيد19” قد استرعت العديد من الملاحظات في وسائط الاتصال الجماهيري ومنصات التواصل الاجتماعي، فقد اعتبرها أحد المدونين “مقارنة ومفارقة في الوقت نفسه” مستطردا في مساهمته “الفايسبوكية” بأن “إجراءات التوقيف هي مسألة يحددها القانون، وترتبط بشكايات أو وشايات المواطنين وبتدابير الرصد والمكافحة التي تباشرها سلطات إنفاذ القانون، وبالتالي لا يمكن قياسها بمقياس طبي تتحكم فيه اعتبارات أخرى، مثل عدد الإصابات المحتملة، وعدد المخالطين لها، وكذا عدد أجهزة التحاليل المتوفرة، والطاقة المخبرية للمستشفيات والمختبرات الوطنية”.
وتساءل بعض نشطاء التدوين الافتراضي على الشبكات الاجتماعية حول مشروعية أو بالأحرى منطقية “المقارنة المنجزة بين التوقيف كإجراء قانوني والتحاليل الطبية على وباء كورونا المستجد”، إذ كتب أحد المدونين مستفسرا: “لا يمكن مطالبة الشرطة بالوقوف عند حد معين من التوقيفات بدعوى أن هناك تباينا أو عدم تماثل مع سقف التحاليل الطبية، فهذه مسألة طوباوية وفوق منطقية”، مضيفا أن “تنظيم أحياء سكنية لدوريات لكرة القدم المصغرة في ظل فترة الطوارئ الصحية لا ينبغي التساهل معه وغظ الطرف عنه قانونا بدعوى أن نسبة التحاليل الطبية مازالت لم تبلغ مستوى التوقيفات”؛ بينما كتب مدون آخر على حسابه الشخصي: “إن نسبة التحاليل الطبية ترتبط أساسا بالمعدات والتجهيزات التي اقتنتها الدولة لهذا الغرض من الصين وكوريا الجنوبية، وهي مسألة تتحكم فيها الإصابات المشتبه فيها وأعداد المخالطين لها؛ أما توقيف المخالفين وتقديمهم أمام العدالة فمسألة أمن جماعي، لا يمكن إخضاعها لمنطق القياس أو المقارنة”.