أبانت نتائج انتخابات 4 شتنبر الأخيرة عن وجود رغبة دفينة للشعب المغربي في التخلص من قوى التحكم والنفوذ والاستبداد، معلنة عن نهاية الكثير من رموز هذا التوجه الذين حطمت أحلامهم الفاسدة صناديق الاقتراع، بعد أن قالت انتخابات 25 نونبر من العام 2011 في أعقاب الربيع العربي كلمتها الفصل، وأعلنت نهاية الاستبداد والتحكم والفساد.
وحاولت هذه القوى استعادة المبادرة والريادة بعدما قامت بعدة محاولات لاختطاف نصر محقق أنجزه الشعب المغربي، في 4 شتنبر والذي منح تقدما واضحا، ونصرا سياسيا كاسحا دالا لحزب العدالة والتنمية الذي يقود مسار الانتقال الديمقراطي الحقيقي في المغرب، بعد الثورة الديمقراطية أو منعطف التحول الديمقراطي الحقيقي الذي بدأ في أعقاب خطاب العرش المعروف بخطاب”9 مارس” الشهير، الذي أغلق قوس مرحلة قيل عنها الشيء الكثير وطالتها انتقادات واسعة من الداخل والخارج.
وبدأت محاولات قوى التحكم والاستبداد ليلة تشكيل مكاتب الجهات وانتخاب رؤسائها الــ 12 لانتخابات 04 شتنبر، إذ شرع حزب “التراكتور” في بعث رسائل إلى كل الجهات ولسان حالها يقول أنه “طُرد من الباب، وها هو يعود من النافذة”، بعدما استولى بمختلف الطرق والأساليب “المنبوذة” على 5 جهات من أصل 12، وكأنه يتحدى الشعب المغربي الذي رفضه أن يكون ساهرا على تدبير شؤونه، بعدما رمى به خارج المدن الكبرى، وعزله في قرى نائية أو بعثر أصواته ومقاعده بطرق عشوائية هنا وهناك، وبدل ذلك اختار التصويت بقوة لخيار استمرار الإصلاح الذي بدأ على عهد هذه الحكومة، رغم أن حزب العدالة والتنمية هو الذي حقق الصدارة في عدد المقاعد بالجهات، لكن دون أن يحصل على الأغلبية المطقة التي تخول له الحق في تشكيل مكاتب الجهات ورئاستها بالأغلبية المطلقة المريحة.
ذات الحزب الذي يمثل رمز التحكم والاستبداد، كما يحب أن تنعته به قيادة حزب العدالة والتنمية، حاول أن يعيد الكرّة التي حصلت في انتخابات 2009، إذ حاول التحكم حتى في تشكيل مكاتب الجماعات الترابية بعدما تم التحكم في انتخابات الغرف المهنية بشتى أساليب الاستبداد والوعد والوعيد، لكنه فشل في ذلك، بعدما نجح حزب “المصباح” في الظفر بأغلب رئاسيات مجالس المدن الكبرى والمتوسطة.
وتعليقا على ما حدث، أبرز خالد رحموني، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية والباحث في العلوم السياسية، أن ما ظهر من نتائج تشكيل المجالس الجماعية والبلدية “أبلغ مثال على أن إرادة الشعب لا تقهر”. وقال “إن أي عابث أو مناور أو مداور أو من تسول له نفسه ارتكاب الخطيئة مع الشعب في تحالفات مشبوهة، والتنكر للتعاقدات السياسية الملزمة سيكون مصيره مصير الذين انهاروا في حلبة السياسة الرشيدة”، قبل أن يضيف أن “العدالة والتنمية خلال التحالفات الأخيرة سواء المتعلقة بالجهات أو الجماعات الترابية أعطى دروسا في النضج والوفاء وفي ارتباط السياسة بالقيم والنبل والمصداقية”.
وشدد ذات المتحدث، على أن حزب “المصباح” الذي يقود النموذج الديمقراطي والاصلاحي في البلد أكد من خلال التحالفات الأخيرة بأنه لن يتورط في محاولة اغتيال حلم الشعب، في إشارة إلى أنه ترأس جميع الجماعات التي فاز فيها العدالة والتنمية بأغلبية مطلقة من حيث عدد المقاعد، لكنه في المقابل لم يكن له أي خيار سوى التحالف في الجماعات التي لا يملك فيها أغلبية.
وبعدما أعلن الشعب المغربي الذي صوت في الانتخابات الأخيرة بأنه لا مجال لعودة التحكم في المشهد السياسي والانتخابي من جديد، يكون بذلك قد “نحت تاريخا جديدا” في حلبة الممارسة السياسية، بتعبير رحموني، معلنا بذلك نهاية عهد الهندسة الانتخابية التي تتم من فوق وصناعة الخرائد والسطو على انتصارات الشعب المغربي.
ولفت ذات المسؤول الحزبي، إلى أن هناك من كان يمعن في التشويش على هذا الانتصار الذي أنجزه الشعب المغربي لصالح العدالة والتنمية، من خلال القول بأن حزب “المصباح” متناقض الخطاب السياسي عندما أعلن أن التحالف مع “البام” خط أحمر، موضحا أن الأشياء المحكومة بمنطق محلي لا ترقى إلى أن تكون تحالفا سياسيا، مؤكدا أن تحالف العدالة والتنمية في بعض المناطق والجماعات مع الأصالة والمعاصرة تمليه ظروف خاصة محلية حاكمة، ولكن لا علاقة لها بوجود تحالف سياسي مركزي، الذي ترفضه قيادات العدالة والتنمية، لأنه يعتبر أن “البام” أصل تجاري فاسد، وعليه أن يعيد النظر في أصله الفاسد، وقبل ذلك عليه أن يؤدي الثمن والتكلفة على الجرائم السياسية التي قام بها في المغرب وهي كثيرة، يقول رحموني.
p jd