الازمة الاقتصادية العالمية و الواقع العالمي للبنوك الإسلامية
لقد أضحت الأزمة الاقتصادية و المالية العالمية التي هزت العالم بأسره و أسقطت كبريات المؤسسات البنكية و المالية و اقتصادات أقوى الدول عبر العالم، واحدة من بين الأخطار التي يحسب لها ألف حساب من طرف جل المتخصصين في العالم، هذه الأزمة التي بدأت اول نواة لها في الولايات المتحدة حيث عجز زبناء البنوك الكبري على سداد أقساط قروض السكن و غيره مما سبب رجوع كبير في تنافسية الأبناك وأثر تأثيرا ملموسا على سوق العقارات الأمريكي فأصبحت الأسعار في أدنى حدودها نظرا لكثرة العرض ونذرة الطلب، كل هذه الأسباب ساهمت سلبا على مستوى سيولة البنوك المذكورة و مستوى المديونية إضافة إلى تفاقم وضع الزبناء الذين اصبحوا يعرضون العقارات للبيع إلا أن الثمن لا يكفي لسداد رأسمال الدين الأصلي.
جل هذه الأوضاع أدت إلى تدخل شركات التامين للحد من الأزمة وهو ما تكلل بالفشل لكثرة الملفات العالقة و هذا ما لم يكن داخلا في الحسابات الرياضية التي تحدد الأخطار. وقد جر هذا الوضع عدوى الأزمة على البورصات، المؤسسات العالمية و رؤوس الأموال العالمية التي كانت تعتبر السوق المالي الأمريكي مركزا للتداول والاستثمار، و حيث أننا نتكلم عن أضخم اقتصاد عالمي فان حدة الأزمة جاءت مماثلة.
كل هذه المعطيات جعلت المحللين الاقتصاديين عبر العالم يتكلمون على مبادئ الاقتصاد المالي الحقيقي الذي يعتمد على التداولات الملموسة والغير الوهمية مثل السندات و الأصول، وظهرت على الساحة البنوك الإسلامية التي تغزوا الأسواق العالمية، هذه البنوك التي بدت بصحة جيدة واصبح خبر الاقتصاد الإسلامي متداولا في أكبر المنتديات العالمية.
الاقتصاد الإسلامي
يعتمد الاقتصاد الإسلامي، بخلاف المعاملات الربوية على مبادئ البيع، الشراء، المضاربة و تحمل الأخطار بخلاف البنوك الأخرى التي تعتمد على احتمالات حسابية ورياضية وحسب نماذج إقتصادية ومالية مبنية على مبدئ تأمين الأخطار و ضمان الربح عن طريق فرض سعر فائدة ثابت أو متحول.
إن أهمية الاقتصاد الإسلامي تكمن في أنه اقتصاد تضامني يجعل من المؤسسة البنكية شريك حقيقي في جميع التداولات إلى جانب الزبون وقد تختلف الشراكة بإختلاف التداولات، هذه التداولات التي قد تتخذ عدة أوجه.
المشاركة أو المرابحة، و ذلك في إطار تمويل المشاريع بحيث يقتسم المصرف الإسلامي الربح و الخسارة مع حامل المشروع وقد يساهم المصرف في التسيير والسهر على إنجاح المشروع يدا بيد مع الزبون وهذا بخلاف المصارف الربوية التي تكتفي بفرض سعر فائدة لضمان ربح مؤكد و قد تطلب من الزبون رهن بعض الأصول العقارية الشخصية، في حين لاتؤخذ نجاعة المشروع والفكرة بعين الاعتبار إضافة إلى ذلك قد يلجئ البنك الربوي إلى فرض تأمين لضمان سداد القروض في حالة أن الزبون لم يتمكن من السداد عكس المصارف الاسلامية التي لا تفرض أي تأمين أو زيادة على تأخير الآداء.
عقود التمويل عن طريق البيع، وهذا وجه ثاني من وجوه التداول في المصارف الاسلامية و خير مثال على هذا التداول تمويل القروض الخاصة بالمساكن والأراضي وما جاورهما حيث تقوم المؤسسة بالبيع مباشرة للزبون فإما أن يكون البنك يملك العقار أو أن يقوم بشرائه ثم بيعه للزبون بالتقسيط مقابل هامش ربح يتفق عليه وهنا يقوم البنك بالبيع و التمويل في آن واحد، في حين أن الأبناك الربوية تكتفي بالتمويل. ولقد أصبحت المؤسسات البنكية الاسلامية تتوفر على مشاريع سكنية خاصة بها فتتكفل بالبناء و التشييد إضافة إلى البيع و التمويل مما زاد في تنافسيتها في العالم بأسره.
أيضاً يمكن التحدث على مظاهر أخرى من تعاملات المصارف الاسلامية مثل الايجارة وهو عبارة عن عقد كراء من خلاله يقوم البنك بتأجير محل أو شقة أو غيرهما إلى الزبون وذلك وفق معايير و سومة كرائية محددة، هذا العقد الذي قد يدرج البيع أيضآ (إيجارة و بيع) و من خلاله يمتلك الزبون العقار إمتلاك تاما بعد مرور مدة معينة.
وقد يأخذ التمويل البنكي صورا و تسميات أخرى إلا أنها تندج في السياق الإسلامي التضامني و المتمثل في المداولات الحقيقية و البيع و الشراء و الذي يجعل من الأبناك مؤسسات إقتصادية حقيقية تلعب دورا مهما ليس فقط في التمويل و الاقتراض بل كفاعل صناعي و مستثمر عقاري وسياحي و غيرهما .
واقع السوق البنكي المغربي
يعتبر السوق البنكي المغربي من أهم الأسواق في العالم العربي بحيث أصبح المغرب يتوفر على مجموعات بنكية كبرى تلعب دورا هاما داخل المغرب وخارجه، حيث تتوفر على فروع في مختلف بقاع العالم.
هذه الأبناك تتوفر على موارد بشرية وطنية ذات خبرة و كفاءات عالية و أنظمة معلوماتية تمكنها من نهج أنجع طرق التسيير. وما يعاب على السوق المغربي هو إنعدام البنوك الإسلامية و عدم مواكبة التطور المالي الحاصل في المنطقة العربية خصوصا في دول الخليج التي تتوفر على أضخم المؤسسات البنكية و التى تتعامل في معظمها بالاقتصاد الإسلامي.
ويجدر الذكر إلى أن المغرب أخذ بعض الخطوات المهمة في السنوات الماضية بحيث رخصت بنك المغرب للبنوك الوطنية بتسويق بعض المنتوجات التي توافق إلى حد ما الاقتصاد الإسلامي والتي أطلق عليها إسم المنتوجات البديلة إلا أنها لم تحظى بالإهتمام الوافر من طرف المغاربة لأنها لم تكن بالأهمية المطلوبة و لم يتبع المشرفين عليها جل المقاييس المتبعة إضافة أنها قد سوقت من طرف البنوك الربوية وعند التحليل الدقيق يتبين أنها لا توافق الإقتصاد الإسلامي إلا في التسمية.
إضافة إلى ذلك قد أنشأت مجموعة التجاري وفا بنك فرع بنك الصفا الذي يتخصص في للمنتوجات البديلة و الذي يتوفر على وكالات في معظم المدن.
الموارد البشرية المغربية المكونة في مجال الاقتصاد الإسلامي
يمكن الجزم أن الجامعات المغربية و المعاهد المتخصصة في التسيير تكاد تخلوا من المناهج التعليمية المتخصصة في الإقتصاد الإسلامي و هذا يفسر التأخير الكبير للمغرب في هذا المجال، في حين أن جل الجامعات العالمية تتوفر على أحسن أنواع التكوين في الإقتصاد الإسلامي. و حيث أن الشعب القليلة المتوفرة في المغرب هي تابعةلفروع الجامعات العالمية المفتوحة بالمغرب.
الحكامة في الأبناك الإسلامية
إن نظام الحكامة في المصارف الإسلامية تختلف عن نظيراتها من البنوك الأخرى، بحيث
قد يضم مجلس الإدارة العديد من الفقهاء و علماء الدين الإسلامي، و يحتل العلماء الشرعيين مكانة خاصة بحيث يرجع إليهم الأمر في إصدار الفتاوى الشرعية المتعلقة بجل نشاطات البنك وقد يكون العلماء مجلس خاصآ كمجلس الرقابة وغيره.
رغم الأهمية الكبيرة للأبناك الإسلامية وإعتبارها حلا ناجعا للخروج من الأزمة الإقتصادية العالمية من طرف العديد من الإقتصاديين إلا أنه لا تزال أيدي خفية تعرقل وثيرة تطويرها وإنشاء الأرضية الحقيقية لها بالمغرب. ولقد أصبح من الضروري على الحكومة الحالية التسريع من إخراج الترسانة القانونية اللازمة لفتح السوق المغربي في وجه الأبناك الإسلامية و أيضاً فتح المجال لإنشاء أبناك وطنية، وتعد بنك المغرب و التجمع المهني للأبناك المغربية من المؤسسات المهمة المتدخلة في المجال إلا أنها و حسب العديد من الآراء تشكل نقطة الوقف في هذا المجال.
الوسومالبنوك الإسلامية السوق المالي المغربي جديد نصية وواقع