ستبقى حصيلة المشاركة الإفريقية في النسخة العشرين لكأس العالم بالبرازيل راسخة في ذاكرة تاريخ كرة القدم العالمية، وأفضل دور على الإطلاق من ناحية الإنجازات الجماعية بعدما نجح منتخبان من القارة السمراء، لأول مرة في تاريخ النهائيات، في التأهل إلى دور ثمن النهاية . فمنذ النسخة الأولى من هذا العرس الكروي لم يسبق لأكثر من منتخب قاري أن تجاوز دور المجموعات، وظل الأمر مقتصرا على تأهل فردي سابق لكل من المنتخب المغربي والكاميرون ونيجيريا والسنغال وغانا، وانتظرت القارة السمراء الدورة العشرين لتشهد تحليقا لنسور نيجيريا ومحاربي الجزائر، مع خروج مخيب للامال لمنتخبات كوت ديفوار وغانا والكاميرون.
وحققت إفريقيا تقدما حين بلغ فريقان منها الدور الثاني في البطولة نفسها لأول مرة، لكن منتخبي الجزائر ونيجيريا خرجا من دور ثمن النهاية ويبقى دور الثمانية أفضل إنجاز للفرق الإفريقية على الإطلاق.
وشاركت في كأس العالم ستة منتخبات من اتحاد أمريكا الجنوبية، وهو أكبر عدد لها في النهائيات منذ البطولة الأولى عام 1930 التي شهدت وجود سبعة منتخبات
وتناقضت هذه العروض بشدة مع آسيا التي فشلت منتخباتها الأربعة في الفوز بأي مباراة في كأس العالم لأول مرة منذ 1990. واحتلت استراليا وكوريا الجنوبية واليابان وايران مؤخرة مجموعاتها في البرازيل وحصلت المنتخبات الأربعة معا على ثلاث نقاط فقط.
من جهة أخرى، شهد المونديال كسر الكثير من الأرقام القياسية، وكان لألمانيا ونجمها كلوز النصيب الأكبر، فأصبح الهداف التاريخي للمونديال والأكثر لعبا في نصف النهائي، وألمانيا الأكثر وصولا للمباراة النهائية، وروبن أسرع لاعب في تاريخ المونديال، ودور الـ16 كسر الرقم القياسي بعدد دقائق مبارياته، ولأول مرة قارة واحدة تفوز باللقب 3 مرات على التوالي (أوروبا
منتخب كوستاريكا كان قبل المونديال، في نظر الجميع الحلقة الأضعف في مجموعته مع إيطاليا وإنجلترا وأوروغواي، لكنه تصدر مجموعته، وأكمل مشواره حتى وصل دور ربع النهاية وكان قاب قوسين من إخراج منتخب هولندا، والجزائر أجبرت ألمانيا على الارتباك وتمديد المباراة للأشواط الإضافية، فتحولت المنتخبات الصغيرة لكابوس مزعج أقصى بعض الكبار وهدد آخرين
وكان أشهر تبديل في هذه البطولة متمثلا في حارس هولندا الأساسي في الدقيقة الأخيرة من المباراة وإشراك تيم كرول بدلا منه ليتصدى لضربات الترجيح فقط، وأثبت كرول البديل عبقرية مدربه وتصدى لضربتي ترجيح بنجاح وقاد هولندا لدور نصف النهايةولا يمكن نسيان الألماني أندريه شورليه الذي نزل بديلا ضد منتخب الجزائر والأرجنتين، واستطاع أن يقلب المباراة، كما أن زميله البديل غوتزه سجل هدف البطولة لفريقه في شباك الأرجنتين
وبفوز منتخب المانيا على نظيره الارجنتيني في المباراة النهائية أصبح لأوروبا ثلاثة انتصارات على التوالي بعد فوز ايطاليا واسبانيا لكن تبقى تساؤلات حول أحقية المنتخبات الاوروبية المتوسطة.
وبلغت ستة فرق فقط من اوروبا الدور الثاني في البرازيل وهو أقل عدد من القارة يتجاوز دور المجموعات على غرار نهائيات 2010 ، وكانت منتخبات انجلترا والبوسنة وروسيا ضمن الذين واجهوا صعوبات.
وعلى الصعيد التقني وجه المونديال الحالي إشارات قوية بغزارة الأهداف اعتبارا من الدور الاول الذي شهد تسجيل 136 هدفا، وخفت الوتيرة نسبيا في بداية الادوار الاقصائية (23 هدفا في 12 مباراة) قبل أن ترتفع أسهم المونديال الحالي بالهزيمتين المذلتين للسيليساو صاحب الضيافة امام المانيا 1-7 في دور نصف النهاية وأمام هولندا 0-3 في مباراة تحديد المركز الثالث، فعادلت نسخة البرازيل الرقم القياسي في عدد الاهداف المسجلة في نسخة واحدة وكان عام 1998 في فرنسا (171 هدفا).
وتدين النسخة الحالية بهذا العدد الكبير من الأهداف لدور المجموعات الذي شهد انتصارات ساحقة في اكثر من مباراة بدءا من فوز هولندا على اسبانيا حاملة اللقب 5-1، والمانيا على البرتغال 4-0، مرورا بفوز فرنسا على سويسرا 5-2 وكولومبيا على اليابان 4-1 وصولا إلى فوز الجزائر على كوريا الجنوبية 4-2. وتعقدت الامور شيئا ما بالنسبة إلى المهاجمين في الدورين ثمن وربع النهائي حيث لم يتجاوز عدد الاهداف المسجلة في الوقتين الاصلي والاضافي 3 أهداف.
وبلغ معدل الأهداف في المباريات ال12 الأولى في الأدوار الإقصائية (ثمن وربع النهائي) 91ر1 هدفا في المباراة الواحدة (بما في ذلك التمديد)، مقابل 83ر2 هدفا في الدور الأول. وبعد الدرس الذي لقنه الألمان والهولنديون للبرازيليين في دور نصف النهاية ومباراة المركز الثالث ارتفع معدل الأهداف في الأدوار الاقصائية إلى 26ر2 هدفا قبل أن يتقلص إلى 18ر2 بعد النهائي.