بسم الله الرحمن الرحيم
حضَرات السيدات والسادة؛
نفتتح بإذن مولوي شريف هذه الجلسة الرسمية المخصصة لافتتاح السنة القضائية الجديدة 2022، في وقت ما تزال فيه جائحة كوفيد المتحور تعاكس السير العادي للحياة، وتلقي بثقلها على أداء مختلف المرافق العمومية والخاصة. ومن بينها القضاء، الذي ما تزال الفعاليات العاملة فيه تجتهد لإيجاد الحلول الملائمة للإشكاليات المترتبة عن انتشار المرض وإكراهات منع انتشاره.
وفي ظل استمرار جائحة كورونا وتحوراتها المزعجة، بذلت المحاكم جهوداً جبارة للوفاء برسالتها الدستورية. وهكذا تمكنت محاكم المملكة من إصدار أحكام في 3.858.046 قضية مختلفة. أي بنسبة 100.02% من عدد القضايا الجديدة المسجلة خلال سنة 2021، وهو 3.857.389 قضية. ورغْم أن المحاكم قد تمكنت من تحقيق هذه النِّسبة الجيدة، فإن 753.315 قضية قد ظلت تروج بجلسات المحاكم في نهاية السنة. وهي تمثل 16% من مجموع الملفات الرائجة خلال السنة والذي بلغ : 4.611.236 قضية. وهذا العدد من الملفات الرائجة غير مسبوق من قبل، وَيُنِيخُ بِكَلكَلِهِ على المؤسسات القضائية، لأن نصيب كل واحد من القضاة المكلفين بالأحكام منه، يلامس 1800 ملف في السنة. وهو رقم ضخم بطبيعة الحال.
ويَفرضُ الواقعُ نفسَه، حيث أرى من الواجب أن أنوه بالجهود التي بذلها قضاة المملكة، بحيث رفعوا عدد الأحكام التي أصدروها ب 44.40% عما أنتجوه سنة 2020. واستطاعوا بفَعاليتهم أن يواجهوا تحديات تضخم القضايا المسجلة سنة 2021، والتي ارتفع عددها عن السنة السابقة ب 38%.
وإذا كان عدد القضايا الرائجة بالمحاكم قد زاد ب 34% عن سنة 2020، لتسجل – كما سبق ذكره – 4.611.236 قضية، فإن هذَا الرقم يدعو إلى دعم السلك القضائي بقضاة جدد خلال السنوات القليلة القادمة. ذلك أن دَوْر القضاء
لا يكمن فقط في الحكم في القضايا داخل أجل معقول، ولكن بالأساس في إصدار أحكام عادلة، تُعطَى لدراستها العنايةُ اللازمة. وهو ما يقتضي تحديد عدد القضايا بالنسبة لكل قاض في الحد الأدنى المناسب لقدرات القضاة، وتوفير الوقت اللازم لهم لدراسة القضايا والوثائق دراسة جيدة قبل إصدار الأحكام. وهي مهمة تتَأثّر بطبيعة الحال بكثرة عدد القضايا التي يبت فيها القاضي، بحيث قد تجعل تحقيق الإنجاز الكمي شغله الشاغل بدل التركيز على المقتضيات الموضوعية والقانونية للقضية.
حضرات السيدات والسادة؛
إذا كان اكتظاظ المحاكم بالقضايا قد تجاوز الإمكانيات البشرية المتاحة للجسم القضائي، بحيث إن 89% من القضايا تروج أمام محاكم أول درجة (4.126.520 قضية من 4.611.361). فإن محكمة النقض لم تسلم بدورها من هذه الأزمة حيث راج أمام غرفها خلال سنة 2021 ما مجموعه 90.948 قضية، وهو ما يمثل 2% من القضايا الرائجة بالمحاكم.
ورغم أن قضاة المحكمة قد استطاعوا خلال هذه السنة إصدار حوالي 45.304 قراراً بمعدل يناهز 300 قرار لكل مستشار وهو رقم غير مسبوق. كما أنه يمثل 92.61% من المسجل الذي بلغ 48.919 قضية، فإن المحكمة قد استأنفت أشغالها في مطلع السنة الجارية (2022)، وفي سجلاتها 45.644 ملفاً مخلفاً عن السنوات السابقة. وهو ما ينذر بمواجهة صعوبتين اثنتين خلال السنة وفي المستقبل.
فأما الصعوبة البسيطة، فتتجلى في تفاقم أجل البت، حيث إن ازدياد القضايا يؤدي إلى تأخر البت فيها أكثر من المعتاد، بطبيعَة الحال.
وأما الصعوبة الأشد فتتمثل في كون الضغط العددي للملفات، قد يؤثر على جودة القرارات. سيما وأن زيادة عدد المستشارين والقضاة، قد يؤدي إلى تضارب الاجتهادات، بسبب صعوبة التنسيق داخل الغرفة الواحدة، كلما ازداد عدد هيئات الحكم بها. وعلى سبيل المثال، فإن الغرفة المدنية تتكون حالياً من عشر هيئات، والغرفة الجنائية من اثنتي عشرة هيئة.
ولأجل ذلك، وبالنظر إلى أن جودة العدالة مهمتنا جميعاً. وهي مطلب المواطن. فإنها نتاج القوانين قبل أن تكون منتوج المحاكم. ولذلك نناشد السلطات المختصة بالتشريع للتدبر ملياً في هذه الوضعية، ووضع المساطر القانونية المناسبة للحد من الطعون غير الجادة، التي ترهق قضاة النقض وتؤثر على جهودهم بالنسبة للطعون الأهم. علماً أن 75% من الطعون بالنقض يتم رفضها أو عدم قبولها. وهو مؤشر دال بوضوح على المبالغة في استعمال الطعن بالنقض، رغم أن محكمة النقض ليست درجة ثالثة للتقاضي. وأن تعدد درجات التقاضي يكون باستعمال محاكم الموضوع (وهي محاكم الدرجة الأولى ومحاكم الاستئناف). كما أن إغراق محكمة النقض بالطعون في قضايا بسيطة أو ذات قيمة مادية زهيدة، لا يخدم مصالح المواطنين في توفير عدالة ناجعة تتوفق في التطبيق العادل للقانون.
إذا كانت المحاكم قد استرجعت في بعض فترات هذه السنة قدراً هاماً من نشاطها المعتاد، فإن سير بعض القضايا قد عرف تعثراً في فترات أخرى. ولاسيما بالنسبة لقضايا المعتقلين، التي اقتضت ظروف الحماية من الجائحة تدبير جزء منها عن طريق جلسات عُقِدَتْ عن بُعد. من أجل حماية المعتقلين، الذين يشكل انتشار العدوى بينهم خطورة استثنائية يصعب تدبيرها. ولذلك استمرت المحاكم خلال السنة الفارطة في إجراء المحاكمات عن بعد، بالنسبة لقضايا المعتقلين، في كل الأوقات التي اشتدت فيها وطأة الجائحة، مع إتاحة الفرصة لأعداد أخرى من المعتقلين بالمثول أمام قضاتهم كلما كانت الظروف الصحية تسمح بذلك.
وقد عقدت محاكم المملكة خلال السنة الفارطة : 19.700 جلسة عن بُعد، أدرجت بها أكثر من 425.000 قضية، مثل فيها معتقلون أمام المحاكم عن بُعد، لأكثر من 494.760 مرة. وقد مكنت هذه الإجراءات من إصدار أحكام في 145.581 قضية، أي في 34% من القضايا المدرجة عن بعد. وبطبيعة الحال، فإنه لولا تقنيات المناظرة عن بعد، التي وفرتها الوزارة المكلفة بالعدل. ولولا تعاون المندوبية العامة لإدارة السجون، وهيئات الدفاع، لتعذر إصدار أحكام في هذه القضايا. وهو ما كان سيمثل ضرراً كبيراً للنظام القضائي، ولاسيما للمعتقلين أنفسِهم، الذين تمكنت أعداد كبيرة منهم من معانقة الحرية بعد نهاية الجلسات المشار إليها.
وإذا كانت المحاكمةُ عن بُعْد قد تأَتت نتيجةً للقوة القاهرة التي ترتبت عن الجائحة، فإن مصلحة العدالة وظروف محاكمات المعتقلين أصبحت تتطلب من السلطات التشريعية والتنفيذية التفكير فيما بَعْدَ القوةِ القاهرة. وقد يقتضي الأمر التنظيم التشريعي للمحاكمات عن بعد في الأحوال العادية نظراً لأسباب أخرى. وذلك بالنظر للإكراهات التي أصبح نقل السجناء إلى المحاكم يعرفها. حيث إن حوالي 1.200 من المعتقلين يتم نقلهم يومياً إلى محكمتين بالدار البيضاء (محكمة الاستئناف والمحكمة الزجرية). وهو ما يتطلب قوافل من الناقلات، وحشداً من القوات العمومية والحرس. مع ما يرافق ذلك من مشاكل النقل والخفر والحراسة. وليست مدينة
الدار البيضاء وحدها التي تعرف هذه الصعوبة، فمحاكم الرباط بدورها تستقبل أكثر من 800 معتقل يومياً. وتقترب محاكم أخرى كفاس ومراكش من هذه الأرقام. وهو ما يستدعي التفكير في حلول قانونية أو واقعية لهذه الصعوبات، قد تكون المحاكمة عن بُعد أَحَدَها.
حضَرات السيدات والسادة؛
إن مناسبة افتتاح السنة القضائية، ليست مجرد فرصة للتعريف بالنشاط القضائي العام، أو بنشاط محكمة النقض. وهما موضوعان يهتم بهما المواطنون، ويتابعهما الرأي العام. ولكنها، قد أصبحت مند تأسيس السلطة القضائية وتنصيب مجلسها الأعلى في السادس من أبريل سنة 2017، كذلك مناسبة للحديث عن بعض مشاريع السلطة القضائية، باعتبارها السلطة الثالثة في الدولة. وهي في هذه الفترة ما تزال تعمل على إقامة هياكلها ووضع تنظيماتها الداخلية، وتحسين شروط التنسيق والتعاون مع سلطتي الدولة الأخريين. ولاسيما بناء جسور التعاون البناء مع السلطة الحكومية المكلفة بالعدل التي تعتبر الشريك الأساسي للقضاء في تدبير عمل المحاكم. وهي مناسبة سانحة للتقدم بالشكر للسادة وزراء العدل السابقين الذين واكبوا تأسيس السلطة القضائية، لأجل ما قاموا به من مبادرات في هذا الإطار، وما حققوه من إنجازات هامة في مجال التعاون مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية. ورغم أن ما تحقق لا يستهان به، فإن صرح البناء لم يكتمل، ونحن نعمل بكثير من التنسيق المتوازن مع السيد وزير العدل الحالي، الأستاذ عبد اللطيف وهبي على إتمام تأسيس هياكل السلطة القضائية، وتحديد مجالات اختصاصها، وبناء جسور للتعاون بينها وبين الوزارة المكلفة بالعدل في مجالات الإدارة القضائية. ولأجل ذلك أجدني سعيداً للتعبير للسيد الوزير ومساعديه وكافة المسؤولين بالوزارة وأطر كتابات الضبط عن امتناننا للمجهود المبذول، وتثميننا للأجواء الجيدة التي تم توفيرها للتنسيق والتعاون. ولهم جميعاً جزيل الشكر والتقدير.
حضرات السيدات والسادة؛
لقد جرت العادة في مثل هذه المناسبة أن يتم استعراض العمل القضائي لمحكمة النقض، واجتهاداتها المتميزة. ونظراً لضيق الحيز الزماني المخصص لهذه المداخلة، فإننا نكتفي بالإشارة إلى بضع قرارات صدرت خلال السنة :
ففي مجال التمييز بين مرض الموت والدفع بحالة الموت أصدرت الغرفة المدنية قراراً قررت فيه أنه :
“لما دفع المدعي بأن البيع الصادر عن والده باطل لأنه كان مصاباً بمرض خطير يؤثر على إدراكه وتمييزه ولا يعي تصرفاته. وأن المحكمة اعتبرت هذا المرض وحسب الشواهد الطبية لا يرقى إلى مرتبة مرض الموت، تكون قد أخطأت في التمييز بين الدفع بحالة المرض، وبين الدفع بحالة مرض الموت” (قرار رقم 440/1 بتاريخ 27 يوليوز 2021 ملف مدني 8181/1/1/2019).
وفي سياق آخر، أقرت نفس الغرفة : “أن مقتضيات المادة 286 من مدونة الأسرة واضحة ولا تحتمل أي تأويل في أن الموصي يحق له الرجوع في وصيته، أثناء مرضه، بصرف النظر عن تأثير هذا المرض في القوة العقلية” (قرار رقم 158/1 بتاريخ 09/03/2021 ملف مدني عدد 5057/1/1/2019).
وفي إطار تطبيقات القانون الدولي الخاص، قضت الغرفة الشرعية لمحكمة النقض، بنقض القرار الاستئنافي الذي ذيل حكماً أجنبيا بالصيغة التنفيذية “دون الالتفات إلى ما أثارته النيابة العامة، والذي هو من صميم النظام العام المغربي، وفق مدونة الأسرة الواجبة التطبيق أمام القضاء الأجنبي بحكم الفصْل التاسع من الاتفاقية المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرة بين المملكة المغربية وفرنسا المؤرخة في 10 غشت 1981، والذي ينص على أنه “ينحل الزواج وفقاً لقانون إحدى الدولتين التي ينتمي إليها الزوجان يوم تقييد الطلب”” (قرار رقم 379/1 بتاريخ 27/7/2021 ملف شرعي عدد 124/2/1/2018).
كما قررت نفس الغرفة أنه تطبيقا للمادة 97 من مدونة الأسرة “تراعي المحكمة عند الحكم بالتطليق للشقاق، مسؤولية كل واحد من الزوجين عن سبب الفراق، في تقدير ما يمكن أن تحكم به لفائدة الزوج الآخر” (قرار رقم 201/1 بتاريخ 13/04/2021 ملف شرعي عدد 239/2/1/2020).
وفي مجال الاختصاص في دعوى التطليق قررت الغرفة الشرعية كذلك أنه استناداً إلى المادة 128 من مدونة الأسرة، والفصل 212 من ق.م.م “أن مقال التطليق يُقَدَّم على التخيير،
لا على لزوم الترتيب، أمام المحكمة الابتدائية التي يوجد بدائرتها بيت الزوجية، أو موطن الزوجة أو التي أبرم فيها عقد الزواج”.
وفي مجال الاختصاص المكاني في التجارة الدولية، قضت الغرفة التجارية أنه “في غياب أي شرط اتفاقي بشأن إسناد الاختصاص إلى محكمة معينة مكانياً، تبقى محكمة موطن المدعى عليه هي المختصة مكانياً بنظر النزاع الناشئ عنه”. (قرار رقم 652/1 بتاريخ 17/10/2021 – ملف عدد 2043/3/1/2019).
وفي باب التحكيم التجاري، قضت نفس الغرفة أن : “حلول طرف في عقدٍ تضمَّن شرطاً تحكيمياً محلَّ طرفٍ آخر، يُفقد المحيلَ الصفةَ في التمسك بشرط التحكيم المذكور، وتنتقل هذه الصفة إلى المحال له متى توفرت شروط الحوالة”. (قرار رقم 230 بتاريخ 14/4/2021 ملف تجاري عدد 799/3/1/2020).
ومن جهتها نقضت الغرفة الإدارية قراراً لمحكمة الموضوع كان قد أقر مسؤولية الإدارة عما اعتبرته خطأ يتجلى في عدم حضور أعوانها من أجل القيام بعملية التحديد دون اعتبار للمبررات الواقعية التي حالت دون ذلك. وأكدت محكمة النقض على كون “قواعد المسؤولية الإدارية ليست بالعامة
ولا بالمطلقة، وأن لها خصائصَها التي تُميِّزها (عن المسؤولية المدنية) في إطار الموازنة بين المصلحة العامة التي تستلزم إشباع رغبات المواطنين في حدود الإمكانيات المتاحة وحسب الزمان والمكان، وبين المصلحة الخاصة للفرد، التي يجب ألاَّ تتنكر لهذه الأعباء” (قرار رقم 87/4 بتاريخ 26/1/2021 – ملف إداري عدد 2570/4/3/2021).
كما اعتبرت نفس الغرفة أن الحكم ببراءة شخص كان قد اعتقل احتياطيا، لا يشكل في حد ذاته خطأ قضائيا يستوجب التعويض، ما دام أنه قد تم في إطار تقدير خطورة الأفعال المرتكبة وانعدام الضمانات حسب المساطر المعمول بها قانوناً. ولم يكن ناجماً عن رعونة في تطبيق القانون.
وعرفت المحكمة الخطأ القضائي بكونه الخطأ الفاحش الذي يقع فيه القاضي بانحرافه الواضح، وبإخلاله بأعمال وظيفته وزيغ عن المبادئ الأساسية في الإجراءات والقانون. (قرار رقم 104/4 بتاريخ 2/2/2021 – ملف إداري رقم 2227/4/3/2019).
وفي مجال ممارسة حق الإضراب، اعتبرت الغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض أنه : “لما كان الثابت من إقرار الأجير بمذكرة دفاعه أنه قد خاض إضراباً عن العمل لمدة غير محددة، وأنه قد اقترن باعتصام بمقر الشركة المشغلة، فإن الإضراب وإن كان حقاً دستورياً من أجل تحقيق مطالب مشروعة فإن عدم تحديد مدته ينفي عنه وصف المشروعية ويعتبر تعسفاً” (قرار رقم 314/2 بتاريخ 17/03/2021 ملف اجتماعي عدد 488/5/1/2020.
ومن جهتها اعتبرت الغرفة الجنائية الزوجة القاصر التي ارتبطت مع شخص راشد بعلاقة غير شرعية، ضحية جريمة هتك عرض قاصر طبقاً للفصل 484 من القانون الجنائي، وتتمتع بعذر صغر السن وبحماية جنائية تناسب حالة الطفل القاصر، تنسجم مع التزامات المغرب الدولية بمقتضى اتفاقية 1989 حول حقوق الطفل. (قرار رقم 1006/3 بتاريخ 16/06/2021، ملف جنائي عدد 20823/6/2019.
كما اعتبرت نفس الغرفة أن تحويل الأموال بشكل غير مشروع، وبدون ترخيص من مكتب الصرف عن طريق شراء عملة افتراضية (البيتكوين)، غير معترف بها وتحويلها إلى بنوك خارج البلاد، يشكل مخالفة لقانون الصرف المغربي. (قرار رقم 462/3 بتاريخ 24/03/2021 ملف جنائي عدد 1879/6/3/2020.
كما قضت محكمة النقض بغرفتين باعتماد الدليل العلمي المتمثل في الخبرة الجينية لإثبات الجرائم المعاقب عليها في الفصلين 490 و491 من القانون الجنائي (الفساد والخيانة الزوجية)، وذلك زيادة على وسائل الإثبات المحددة حصراً بمقتضى الفصل 493 من القانون الجنائي. واعتبرت محكمة النقض أن الخبرة الجينية هي دليل وحجة علمية لا يتسرب الشك إلى مدى قوتها الثبوتية، وقرينة قوية وكافية على وجود علاقة جنسية بين الطاعن والضحية، نتجت عنها ولادة، يمكن من خلالها نسبة واقعة العلاقة الجنسية إلى الطاعن. ولذلك، فإن محكمة الموضوع باعتمادها تقرير الخبرة الجينية، تكون قد مارست السلطة المخولة لها قانوناً في تفسير وتأويل النص القانوني في ضوء المستجدات والاكتشافات العلمية الحديثة، التي أصبح معها الدليل العلمي وسيلة إثبات قطعية، وآلية من آليات تفسير وتأويل النص القانوني، لا يمكن للمنطق السليم أن يتغاضى عنه متى كان حاسماً. (قرار رقم 1019/3 بتاريخ 22/06/2021 – ملف جنائي بغرفتين عدد 1314/6/3/2018).
حضرات السيدات والسادة المحترمين؛
لقد تابع الرأي العام الوطني الجهود التي بذلها المجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال السنة المنصرمة في تدبير المهام المنوطة به، والتي اتسمت بتنوع المبادرات، وأسفرت عن نتائج طيبة. وقد انصرفت هذه الجهود إلى إعادة بناء جسور التواصل بين المجلس والقضاة، على أسس الشفافية والمصداقية، واستهداف بناء إطار لتدبير الأمور المهنية على أساس احترام المعايير القانونية، وتجويد الخدمات، والإصغاء للتظلمات، وخلق شراكة مع الجمعيات المهنية للقضاة في مجالات تدخلها. كما انصب اهتمام المجلس خلال السنة المنصرمة، التي تميزت بصدور مدونة الأخلاقيات القضائية، بتكثيف المجلس لجهوده بشراكة مع القضاة وجمعياتهم، للاهتمام بالجانب الأخلاقي. وتم لذلك تأسيس لجنة الأخلاقيات بالمجلس، التي تعمل حالياً على وضع الإطار التنظيمي لتدخلاتها، وصياغة ميثاق عملها وتنظيم مسطرة اشتغال المستشارين الأخلاقيين. ويستهدف المجلس استنهاض القيم الخلقية الفضلى لدى القاضيات والقضاة، وجعل الضمير المهني حارسها والرقيب على تطبيقها، قبل الوازع القانوني، الذي ظهر بدوره جليا في قرارات المجلس في المادة التأديبية.
كما اعتبرت نفس الغرفة أن تحويل الأموال بشكل غير مشروع، وبدون ترخيص من مكتب الصرف عن طريق شراء عملة افتراضية (البيتكوين)، غير معترف بها وتحويلها إلى بنوك خارج البلاد، يشكل مخالفة لقانون الصرف المغربي. (قرار رقم 462/3 بتاريخ 24/03/2021 ملف جنائي عدد 1879/6/3/2020.
كما قضت محكمة النقض بغرفتين باعتماد الدليل العلمي المتمثل في الخبرة الجينية لإثبات الجرائم المعاقب عليها في الفصلين 490 و491 من القانون الجنائي (الفساد والخيانة الزوجية)، وذلك زيادة على وسائل الإثبات المحددة حصراً بمقتضى الفصل 493 من القانون الجنائي. واعتبرت محكمة النقض أن الخبرة الجينية هي دليل وحجة علمية لا يتسرب الشك إلى مدى قوتها الثبوتية، وقرينة قوية وكافية على وجود علاقة جنسية بين الطاعن والضحية، نتجت عنها ولادة، يمكن من خلالها نسبة واقعة العلاقة الجنسية إلى الطاعن. ولذلك، فإن محكمة الموضوع باعتمادها تقرير الخبرة الجينية، تكون قد مارست السلطة المخولة لها قانوناً في تفسير وتأويل النص القانوني في ضوء المستجدات والاكتشافات العلمية الحديثة، التي أصبح معها الدليل العلمي وسيلة إثبات قطعية، وآلية من آليات تفسير وتأويل النص القانوني، لا يمكن للمنطق السليم أن يتغاضى عنه متى كان حاسماً. (قرار رقم 1019/3 بتاريخ 22/06/2021 – ملف جنائي بغرفتين عدد 1314/6/3/2018).
حضرات السيدات والسادة المحترمين؛
لقد تابع الرأي العام الوطني الجهود التي بذلها المجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال السنة المنصرمة في تدبير المهام المنوطة به، والتي اتسمت بتنوع المبادرات، وأسفرت عن نتائج طيبة. وقد انصرفت هذه الجهود إلى إعادة بناء جسور التواصل بين المجلس والقضاة، على أسس الشفافية والمصداقية، واستهداف بناء إطار لتدبير الأمور المهنية على أساس احترام المعايير القانونية، وتجويد الخدمات، والإصغاء للتظلمات، وخلق شراكة مع الجمعيات المهنية للقضاة في مجالات تدخلها. كما انصب اهتمام المجلس خلال السنة المنصرمة، التي تميزت بصدور مدونة الأخلاقيات القضائية، بتكثيف المجلس لجهوده بشراكة مع القضاة وجمعياتهم، للاهتمام بالجانب الأخلاقي. وتم لذلك تأسيس لجنة الأخلاقيات بالمجلس، التي تعمل حالياً على وضع الإطار التنظيمي لتدخلاتها، وصياغة ميثاق عملها وتنظيم مسطرة اشتغال المستشارين الأخلاقيين. ويستهدف المجلس استنهاض القيم الخلقية الفضلى لدى القاضيات والقضاة، وجعل الضمير المهني حارسها والرقيب على تطبيقها، قبل الوازع القانوني، الذي ظهر بدوره جليا في قرارات المجلس في المادة التأديبية.
حضرات السيدات والسادة؛
ونحن نستعد لافتتاح سنة قضائية جديدة، في ظل إكراهات اجتماعية واقتصادية صعبة فرضتها جائحة كوفيد، فإن محكمة النقض التي تستعد لترتيب أدائها لمهامها وِفق نسقٍ يراعي جودة العدالة واحترام الأجل المعقول، ستعمل خلال السنة الجارية – إن شاء الله – على جعل رؤساء الغرف يضطلعون بتأطير وحدة الاجتهاد القضائي في النقط القانونية المتشابهة داخل غرفهم. وكذلك العمل على تشخيص الاختلافات المحتملة في الاجتهاد بين الغرف. كما ستسعى إلى مزيد من النجاعة في القضايا القديمة، وفي قضايا المعتقلين، التي ستعطى لها الأولوية في البت. ولذلك، فإنني أشكر السيدات والسادة رؤساء الغرف والأقسام والمستشارين والمحامين العامين وأطر وأعوان كتابة الضبط على العمل الجيد الذي يقومون به، داعياً إياهم إلى تصفية القضايا القديمة وإعطاء الأولوية في البت لقضايا المعتقلين. كما أوجه نفس الدعوة للمسؤولين عن باقي المحاكم ولقضاة المملكة مؤملين أن يحققوا خلال السنة الجارية إنجازات أهم للعدالة سواء من حيث الجودة النوعية، أو إصدار أحكام عادلة في آجال معقولة، أو من حيث الإنتاج العددي للأحكام.
كما لا تفوتني الفرصة إلى تقديم الشكر للسيد الوكيل العام للملك، رئيس النيابة العامة وكافة مساعديه، وجميع قضاة النيابة العامة على الأداء المتميز والحضور اللافت للانتباه في مختلف المواقف القانونية والحقوقية والشكر مستحق لكل مهن العدالة ومساعدي القضاء ولجميع السلطات والمؤسسات والمنظمات المهتمة بقضايا العدالة والقضاء.
وندعو الله بهذه المناسبة أن يتقبل برحمته زملاءنا القضاة وموظفي العدل، وكافة المنتمين للمهن القضائية الذين لبوا نداء ربهم. كما نتمنى لمن غادرونا بسبب انتهاء مهامهم تقاعداً مريحاً، ونشكرهم على الجهود التي بذلوها في خدمة العدالة طيلة مسارهم المهني.
حضرات السيدات والسادة قضاة المملكة؛
لقد خاطبكم جلالة الملك خلال افتتاح السنة القضائية بأكادير يوم الأربعاء 29 يناير 2003 بالقول السديد الآتي : “والله نسأل أن يعينكم – معشر القضاة – على إقامة العدل بكل ما يتطلبه من استقلال واستقامة وكفاية واجتهاد وحماية لأمن وسلامة وحرمة المواطنين وكيان الأمة والدولة من كل عمل إجرامي أو إرهابي. فتلك سبيلكم إلى استحقاق شرف النيابة عن جلالتنا في تحمل مسؤولية القضاء التي نناشدكم أن تتقوا الله في جسامة أمانتها. وذلك طريقكم لترسيخ ثقة المتقاضين ومصالحتهم مع القضاء وإشاعة العدل الذي جعلناه قوام مذهبنا في الحكم وغايته وعماد ما ننشده لشعبنا الحر الأبي من تطور ديمقراطي وتماسك اجتماعي وتقدم اقتصادي” ولعلي وأنا أختم كلمتي بهذه الدرر السامية أكون قد لخصت لكم ما هو منتظر منكم من قبل رئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، جلالة الملك المنصور بعناية الله، وكذلك من قبل المغاربة، كل من يطرق باب العدالة لإنصافه أو لينشد خدماتها.
نرجو الله أن يوفقنا جميعاً في مهامنا. ونسأله السلامة لبلدنا ونتضرع إليه للتعجيل برفع الجائحة عنا. إنه سميع مجيب.